التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب كيف كان بدء الحيض

          ░1▒ بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الحَيْضِ؟
          وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلعم: (هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الحَيْضُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صلعم أَكْثَرُ.
          أي: فإنَّه عامٌّ في جميعِ بناتِ آدمَ، فهذه المقالةُ عن بعضِهم مردودةٌ بذلكَ، قالَ المُهَلَّبُ: الحديثُ دالٌّ على أنَّ الحيضَ مكتوبٌ على بناتِ آدمَ فمَنْ بعدهنَّ مِنَ البناتِ، وهو مِنْ أصلِ خِلْقَتِهِنَّ الَّذي فيه صَلَاحُهُنَّ، قالَ تعالى في زَكَرِيَّا ◙: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء:90]، قالَ أهلُ التَّأوِيلِ: يعني ردَّ الله إليها حيضَها لتحملَ، وهو مِنْ حكمةِ الباري تعالى الَّذي جعلَه سببًا للنَّسْلِ، ألا ترى أنَّ المرأةَ إذا ارتفعَ حيضُها لم تحملْ عادةً.
          قالَ ابنُ بَطَّالٍ: وقالَ غيرُه: ليسَ فيما أَتَى به حُجَّةٌ؛ لأنَّ زَكَرِيَّا مِنْ أولادِ بني إِسْرَائِيْلَ، والحُجَّةُ القاطعةُ في ذلكَ قولُه تعالى: {فَضَحِكَتْ} [هود:71] في قِصَّةِ إبراهيمَ، قال قَتَادَةُ: يعني: حَاضَتْ، وهذا معروفٌ في اللُّغَةِ، يُقَالُ: ضَحِكَتِ المرأةُ إذا حَاضَتْ، وكذلكَ الأرنبُ والضَّبُعُ والخُفَّاشُ.
          وإبراهيمُ صلعم هو جَدُّ إِسْرَائِيْلَ؛ لأنَّ إِسْرَائِيْلَ هو يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إبراهيمَ، ولم ينزلْ على بني إِسْرَائِيْلَ كتابٌ إلَّا على مُوسَى، فدلَّ ذلكَ على أنَّ الحيضَ كانَ قبلَ بني إِسْرَائِيْلَ، وحديثُ النَّبيِّ صلعم يشهدُ لهذا التَّأوِيلِ وصِحَّتِه.