عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من شكا إمامه إذا طول
  
              

          ░63▒ (ص) بابُ مَنْ شَكَا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ.
          (ش) أي: هذا بابٌ ترجمتُه: مَن شكا إمامَه إذا طوَّل عليهمُ الصلاة.
          (ص) وَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: طَوَّلْتَ بِنَا يَا بُنَيَّ.
          (ش) مطابقة هذا الأثرِ للترجمة ظاهرةٌ؛ فإنَّ قول أبي أُسيد لابنه: (طوَّلت بنا الصلاة) كالشكاية عن تطويله.
          و(أَبُو أُسَيْدٍ) بِضَمِّ الهمزة، [وفتح السين، وسكون الياء آخرَ الحروف، وفي آخره دال مُهْمَلة، وفي «التوضيح»: و«أُسَيد» بِضَمِّ الهمزة]، كذا بخطِّ الدِّمْيَاطِيِّ، وقال الجَيَّانيُّ: في نسخة أبي ذرٍّ من رواية المُسْتَمْلِي وحدَه: <أبو أَسِيد> بفتح الهمزة، وقال أبو عبد الله: قال عبد الرزَّاق ووكيع: أبو أَسيد، وهو الصواب، واسمُه مالك بن ربيعة، الأنصاريُّ الساعديُّ المَدَنِيُّ، شهِد المشاهد كلَّها، وهو مشهورٌ بكُنْيَته، مات سنة ثلاثين، وقيل: سنة ستِّين، وفيه اختلافٌ كثير، وهو آخرُ مَن مات مِنَ البدريِّين.
          وهذا التعليقُ رواه ابن أبي شَيْبَةَ عن وكيعٍ: حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن بن سليمان ابن الغسيل قال: حدَّثني المنذر بن أبي أسيد الأنصاريُّ قال: كان أبي يُصلِّي خلفي، فربَّما قال لي: يا بنيَّ؛ طوَّلت بنا اليومَ بـ{الصَّافَّات} انتهى، وعُلِم مِن هذا أنَّ اسم ابن أبي أسيد المنذر.
          وقوله: (يَا بُنَيَّ) بالتصغير؛ لأجل الشفقة، دون التحقير، وفي «التَّلويح»: قال البُخَاريُّ: وكرِهَ عطاءٌ أن يؤمَّ الرجلُ أباه، هذا التعليق مذكور في بعض النُّسَخ، فلئن صحَّ؛ فقد رواه ابن أبي شَيْبَةَ عن وكيع: حَدَّثَنَا إبراهيم بن يزيد المَكِّيُّ عن عطاء قال: لا يؤمُّ الرَّجلُ أباهُ.