عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الاستهام في الأذان
  
              

          ░9▒ (ص) بابُ الاستِهامِ / في الأذانِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان حكم الاستهام؛ أي: الاقتراع في الأذان، قال الخَطَّابيُّ: وإِنَّما قيل له: الاستهام؛ لأنَّهم كانوا يكتبون أسماءهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء، فمن خرج سهمه؛ غلب، والقرعة أصلٌ من أصول الشريعة في حال مَن استوت دعواهم في الشيء؛ لترجيح أحدهم، وفيها تطييب القلوب.
          (ص) وَيُذْكَرُ أَنَّ قَوْمًا اخْتَلَفُوا فِي الأَذانِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ ☺ .
          (ش) ويُروى: <أنَّ أقوامًا >.
          قوله: (فِي الأَذانِ) أي: في منصب التأذين؛ يعني: اختلافهم لم يكن في نفسِ الأذان، وإِنَّما كان في التأذين، و(الأذان) يأتي بمعنى: التأذين.
          و(سَعْدٌ) هو سعد بن أبي وَقَّاص، أحد العشرة المُبشَّرة، وكان ذلك عند فتح القادسيَّة في خلافة عُمَر بن الخَطَّاب ☺ في سنة خمسَ عشرةَ، وكان سعد يومئذ أميرًا على الناس.
          وذكره البُخاريُّ معلَّقًا.
          وأخرجه سعيد ابن منصور والبَيْهَقيُّ من طريق أبي عبيد؛ كلاهما عن هشيم عن عبد الله بن شُبْرُمَة قال: (تشاحَّ الناس في الأذان بالقادسيَّة، فاختصموا إلى سعد بن أبي وَقَّاص، فأقرع بينهم) وهذا منقطع، وقد وصله سيف بن عُمَر في «الفتوح»، والطَّبَريُّ من طريقه عنه، عن عبد الله بن شُبْرُمَة، عن شقيق _وهو أبو وائل_ قال: (افتتحنا القادسيَّة صدر النهار، فتراجعنا وقد أُصِيب المُؤذِّن...) فذكره، وزاد: فخرجت القرعة لرجل منهم، فأذَّن، وقال الصَّغانيُّ: القادسيَّة قريةٌ على طريق الحاجِّ على مرحلة مِنَ الكوفة، وقيل: مرَّ إبراهيم ◙ بالقادسيَّة، فوجد هناك عجوزًا، فغسلت رأسه، فقال: قُدِّست من أرض، فسُمِّيت القادسيَّة، وقيل: سُمِّيت بها؛ لنزول أهل قادس بها، وقادس: قرية بمَرو الروذ.