عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: سئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض النبي؟
  
              

          6299- (ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ حِينَ قُبِضَ النَّبِيُّ صلعم ؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ مَخْتُونٌ، قَالَ: وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ.
          (ش) مطابقته للترجمة في كونه مشتملًا على الخِتان، وهذا المقدار كافٍ.
          و(مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ) الذي يقال له: صاعقة، البغداديُّ، و(عَبَّادٌ) بتشديد الباء المُوَحَّدة (ابْنُ مُوْسَى) الخُتَّلي؛ بِضَمِّ الخاء المُعْجَمة وفتح التاء المُثَنَّاة مِن فوق المشدَّدة، مِنَ الطبقة السُّفلى مِن شيوخ البُخَاريِّ، و(إِسْرَائِيلُ) هو ابن يونس، يروي عَن جدِّه (أَبِي إِسْحَاق) عَمْرو بن عبد الله السَّبِيعيِّ، والحديث مِن أفراده.
          قوله: (مَخْتُونٌ) أي: وقع عليَّ الختان، وهو اسم مفعول مِن خَتَنَ، ومراده أنَّهُ كان أدرك حين خُتِنَ، وذلك لقوله: (وَكَانُوا لَا يَخْتِنُونَ) أي: كانت عادتهم أنَّهم لا يختنون صبيانهم إلَّا إذا أدركوا، وقيل: قوله: «وَكَانُوا...» إلى آخره مُدْرجٌ، ورُدَّ بأنَّ الأصل أنَّهُ مِن كلام مَن نُقِلَ عنه الكلامُ السابقُ.
          فَإِنْ قُلْتَ: قد روى سعيد بن جبير عَن ابن عَبَّاس: قُبِضَ النَّبِيُّ صلعم وأنا ابن عشر، وروى عنه عُبيد الله بن عبد الله: أتيت النَّبِيَّ صلعم بمنًى وأنا قد ناهزت الاحتلام.
          قُلْت: الصحيح المحفوظ أنَّ عُمرَه عند وفاة النَّبِيِّ صلعم كان ثلاثَ عَشرةَ سنةً؛ لأنَّ أهل السِّيَر قد صحَّحوا أنَّهُ وُلِد بالشِّعب، وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين، وأَمَّا قوله: (وأنا ابنُ عَشرٍ) فمحمولٌ على إلغاء الكسر، على أنَّهُ روى أحمدُ مِن طريقٍ آخر عنه أنَّهُ كان حينئذٍ ابنَ خمسَ عشرة سنةً.
          قوله: (لَا يَخْتُِنُونَ) بضمِّ التاء المُثَنَّاة مِن فوق وبكسرها.
          قوله: (حَتَّى يُدْرِكَ) أي: حَتَّى يبلغ.