عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: اختتن إبراهيم بعد ثمانين سنةً
  
              

          6298- (ص) حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ ◙ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ» مُخَفَّفَةً.
          (ش) مطابقته للجزء الأَوَّل للترجمة ظاهرة جدًّا؛ لأنَّ إبراهيم ◙ اختتن بعد الكبر.
          و(أَبُو الْيَمَانِ) الحكم بن نافع، و(أَبُو الزِّنَادِ) بكسر الزاي وبالنون المُخَفَّفَة، عبد الله بن ذكوان، و(الْأَعْرَجُ) عبد الرَّحْمَن بن هُرمُز، والحديث مِن أفراده.
          قوله: (بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً) وقع في «الموطَّأ» مِن رواية أبي الزناد عَنِ الأعرج عَن أبي هُرَيْرَة]
موقوفًا على أبي هُرَيْرَة: أنَّ إبراهيم ◙ أَوَّل مَن اختتن وهو ابنُ عشرين ومئة، واختتن بالقدوم، وعاش بعد ذلك ثمانين سنة، وفي «فوائد ابن السماك» مِن طريق أبي أويس عن أبي الزِّناد بهذا السند مرفوعًا، وأكثر الروايات على ما وقع في حديث الباب أنَّهُ اختتن وهو ابن ثمانين سنة، وقد جمع بعضهم بين الروايتين بأنَّ إبراهيم ◙ عاشَ مئتَي سنةً؛ منها ثَمانِينَ غير مختون، ومنها مئةٌ وعشرُونَ وهو مختون، فمعنى الأَوَّل: اختتن لثمانين مضت مِن عمره، ومعنى الثاني لمئة وعشرين بقيت مِن عمره.
          قُلْت: إِنَّما يُجمَع بينهما إذا كانا متساوِيَينِ في الصِّحَّة، فحديثُ الباب لا يقاومه الآخر؛ لِما في صحَّته مِنَ النظر، على أنَّ البعض ذهب إلى عدم صحَّته.
          قوله: (وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ) بفتح القاف وضمِّ الدال بتخفيفها وفي آخره ميم، قيل: هي آلة النَّجَّار، وقيل: هو اسم موضع، وقال المُهَلَّب: «القدوم» بالتخفيف الآلة، وبالتشديد الموضع، وقد يتَّفق لإبراهيم ◙ الأمران؛ يعني: أنَّهُ اختتن بالآلة وفي الموضع، وعن يحيى بن سعيد: القدوم الفأس، وعن عبد الرَّزَّاق / بسندٍ صحيحٍ قال: القدوم القرية، وعن الحازِميِّ: قدوم قريةٌ كانت عند حلَب، وقيل: كان مجلسَ إبراهيم ◙ .
          قوله: (مُخَفَّفَةً) تقديره: أعني مُخَفَّفَة الدال.
          (ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا المُغِيرَةُ عنْ أبي الزِّنادِ، وقال: «بالقَدُّومِ» مُشَدَّدَةً.
          (ش) أشار البُخَاريُّ بهذا إلى الروايتين في (القدوم)، ففي رواية شُعَيْب بن أبي حمزة عَن أبي الزناد بالتخفيف، وفي رواية المغيرة بن عبد الرَّحْمَن الحِزَامِيِّ عن أبي الزِّناد بالتشديد، أشار إليه بقوله: (مَشَدَّدَةً) أعني: بتشديد الدال.