عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من اتكأ بين يدى أصحابه
  
              

          ░35▒ (ص) بابُ مَنِ اتَّكَأَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ.
          (ش) أي هذا بابٌ في بيانِ مَن اتَّكأ، قيل: «الاتِّكاء» الاضطجاع، وفي حديث عمر: وهو متَّكئ على سرير؛ أي: النَّبِيُّ صلعم مضطجع على سريرٍ، بدليل قوله: قد أثَّر السرير في جنبه، وقال الخَطَّابيُّ: كلُّ معتمدٍ على شيءٍ متمكِّن منه فهو متَّكئ.
          (ص) قَالَ خَبَّابٌ: أتَيْتُ النَّبِيَّ صلعم وهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً، قُلْت: ألا تَدْعُو الله؟ فَقَعَدَ.
          (ش) (خَبَّابٌ) بفتح الخاء المُعْجَمة وتشديد الباء المُوَحَّدة الأولى، ابنُ الأَرَتِّ الصحابيُّ المشهور، قال بعضهم: إيراد البُخَاريِّ حديث خَبَّابٍ المعلَّق يُشيِر به إلى أنَّ الاضطجاع اتكاءٌ وزيادة.
          قُلْت: ليس كذلك؛ لأنَّ الاضطجاع هو النوم، قاله ابن الأثير، وقال الجَوْهَريُّ: ضجع الرجل؛ أي: وضع جَنبه على الأرض، و«اضطجع» مثله، بل الوجهُ في إيراد حديث خَبَّاب هو لِقولِه: (وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ) فإنَّ التوسُّد يأتي بمعنى الاتِّكاء، ولا سيَّما على قول الخَطَّابيِّ المذكور آنفًا.
          وأَمَّا هذا المعلَّق فَإِنَّهُ مِن حديثٍ طويلٍ قد مضى موصولًا في (علامات النُّبوَّة) قال: حدثني مُحَمَّد بن المُثَنَّى: حدَّثنا يحيى عن إسماعيل: حدَّثنا قيسٌ عَن خَبَّاب بن الأَرَتِّ قال: شكونا إلى رسول الله صلعم وهو مُتَوسِّد بُرْدَة له في ظلِّ الكعبة، قلنا له: أَلَا تَسْتَنْصِر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟... الحديث، ومضى أيضًا في أَوَّل (باب مبعث النَّبِيِّ صلعم ).