عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب المعانقة وقول الرجل: كيف أصبحت؟
  
              

          ░29▒ (ص) بَابُ الْمُعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟
          (ش) أي: هذا بابٌ في المعانَقَة، (مُفَاعَلَةٌ) مِن عانَقَ الرجلَ؛ إذا جعل يديه على عُنُقِه وضمَّه إلى نفسه، وتعانقا واعتنقا، والعِناق أيضًا: المعانقة، ولم يثبت لفظ (المعانقة) وواو العطف من رواية النَّسَفِيِّ ومِن رواية أبي ذرٍّ عن المُسْتَمْلِي والسرخسيِّ.
          قوله: (وَقَوْلِ الرَّجُلِ) بالجرِّ عطفًا على (المعانقة) أي: وفي قول الرجل لآخرَ: (كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟) ونقل الكَرْمانيُّ عن صاحب «التراجم»: ترجم البُخَاريُّ بالمعانقة ولم يذكر فيها شيئًا، وإِنَّما ذكرها في «كتاب البيوع» في «باب ما ذُكِر في الأسواق» في معانقة الرجل لصاحبه عند قدومه مِنَ السفر وعند لقائه، ولعلَّ البُخَاريَّ أخذ المعانقة مِن عادتهم عند قولهم: كيف أصبحتَ؟ واكتفى بـ(كيف أصبحت؟) لاقتران المعانقة به عادةً، أو أنَّهُ ترجم ولم يتَّفق له حديثٌ يوافقه في المعنى، ولا طريقٌ مُسنَدٌ آخرُ لحديث معانقة الحسن، ولم يَرَ أن يَرْوِيَه بذلك السند؛ لأنَّه ليس عادته إعادة السند الواحد مرارًا، وقال ابن بَطَّالٍ: ترجم بالمعانقة ولم يذكر لها شيئًا، فبقي الباب فارغًا حَتَّى مات وتحته: «باب قول الرجل: كيف أصبحت؟» فلمَّا وجد ناسخُ الكتاب التَرْجَمَتين متواليتَين ظنَّهما واحدةً؛ إذ لم يجد بينهما حديثًا، والأبواب الفارغة في هذا «الجامع» كثيرةٌ، وقد طوَّل بعضهم هنا كلامًا يمزِّق فكرَ الناظر بحيث لا يرجع بشيءٍ.