الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا حمل رجل على فرس فهو كالعمرى والصدقة

          ░37▒ (باب إِذَا حَمَلَ) بفتحات (رَجُلٌ) أي: غيرَه (عَلَى فَرَسٍ) كأنْ قال له: حمَلتُك على هذه الفرسِ مثلاً، ولأبوَي ذرٍّ والوقتِ والأصيليِّ: <إذا حمَلَ رجُلاً> بنصبِ: <رجلاً> فالفاعلُ مُضمرٌ؛ أي: إذا حمل هو؛ أي: الحاملُ رجلاً على فرسٍ أو نحوِه (فَهْوَ) أي: الفرسُ، أو المحمولُ عليه (كَالْعُمْرَى وَالصَّدَقَةِ) أي: فلا يرجع بذلك إذا حصلَ قَبضٌ بإذنِ الحامل.
          (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا) أي: في الفرس التي حمَلَه عليها، أرادَ ببعضِ النَّاسِ: أبا حنيفةَ ☺؛ لأنَّه يجوزُ عنده أن يرجعَ الواهبُ في الهبةِ إذا كانت لأجنبيٍّ دون الرَّحمِ المحرَّمِ؛ لأنه عنده يُحملُ قولُه المذكورُ على الوقفِ، وهو حينئذٍ عنده باطلٌ إذا لم يكُنْ محكوماً به عنده.
          وقال ابنُ بطَّالٍ: ما كان من الحمْلِ على الخيل تمليكاً للمحمولِ عليه بقولِه: هو لكَ، فهو كالصَّدَقةِ، فلا يُرجعُ فيها إذا قبضَها، وما كان تحبيساً فهو وقفٌ لا يجوزُ الرجوعُ فيه عند الجمهور.
          وعن أبي حنيفة: الحبسُ باطلٌ في كلِّ شيءٍ، انتهى.
          قال في ((الفتح)): والذي يظهرُ أنَّ البخاريَّ أراد الإشارةَ إلى الردِّ على من قال: يجوزُ الرُّجوعُ في الهبةِ ولو كانت للأجنبيِّ، وإلا فقدَّمْنا أنَّ الحملَ المذكورَ في قصَّةِ عمرَ كان تمليكاً، وأنَّ قولَ من قال: كان تحبيساً، احتمالٌ بعيدٌ، انتهى، فتدبَّره.