الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من استوهب من أصحابه شيئًا

          ░3▒ (باب مَنِ اسْتَوْهَبَ) بالبناء للفاعل؛ أي: مَن طلبَ (مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئاً) أو وهبَ لهم، كالمرأةِ الآتيةِ في الباب، فإنها تطوَّعت لرسولِ الله صلعم وسألَتْه أن يصنَعَ له غُلامُها مِنبراً، واعلَمْ أنَّا إنْ أضَفْنا ((باب)) لـ((من)) فهي موصولةٌ، أو نَكِرةٌ موصوفةٌ، وإنْ لم نُضِفْه فـ((من)) شرطيَّةٌ، وجوابُها محذوفٌ؛ أي: جازَ ذلك من غيرِ كراهةٍ إنْ عَلِمَ رضا أصحابِه، ونكَّرَ ((شيئاً)) ليشمَلَ القليلَ والكثيرَ والعينَ والمنفعةَ، وأطلَقَ: ((مَن استوهَبَ)) فشَمِلَ الغنيَّ والفقيرَ، لكنْ إن عَلِمَ رضا المسؤولين وعَلموا حالَه، وإلا فلا يجوزُ للغنيِّ السؤالُ، بل لا يجوزُ عند الحنفيةِ لمن ملَكَ قوتَ يومِه السُّؤال.
          وبالسند قال المصنِّف:
          (وقَالَ أَبُو سَعِيدٍ) أي: الخدريُّ ☺ ممَّا وصلَه المصنِّفُ بتمامِه في كتابِ الإجارةِ من حديثِ الرُّقيةِ بالفاتحة (قَالَ النَّبِيُّ صلعم: اضْرِبُوا) بهمزة الوصل وسكون الضاد المعجمة؛ أي: اجعَلوا (لِي مَعَكُمْ سَهْماً) أي: مما أخذتُموه على الرُّقيةِ من الغَنَم.
          تنبيه: استعمَلَ ضَربَ في هذا الحديثِ متعدِّياً بنفسِه، ولعلَّه لتضمينِه معنى جعلَ كما قرَّرناه، وقد عدَّاه في ((المصباح)) بالباء، قال فيه: ضربْتُ مع القوم بسَهمٍ، ساهَمتُهم، انتهى، فتدبَّر.