الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب المؤذن الواحد يوم الجمعة

          ░22▒ (بَابُ الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أي: لصلاتها، قيَّد المصنِّف المؤذِّنَ بالواحد على وفق الحديثِ بيوم الجمعة ليَكُون مقيَّداً للحَدِيث فلا ترد الصُّبح مثلاً.
          وقال ابن الملقِّن: قال الإسماعيليُّ: الأخبارُ الكثيرَةُ في اتِّخاذ المؤذنين أشهرُ من ذلك، وكأنَّ السَّائبَ يريدُ أنه لم يكن له يوم الجمعة إلا مؤذِّنٌ واحدٌ على ما تأوَّلهُ أبو عبد الله، لا في كلِّ وقتٍ، أو أرادَ به التَّأذين، فجاء بلفظ: ((المؤذن)) لدلالته على / التَّأذين، انتهى.
          واعترضهُ في ((فتح الباري)): فقال: لا أدري ما الحاملُ له على هذا التَّأويل، فإنَّ المؤذِّنَ الرَّاتبَ هو بلالٌ، وأما أبو محذورة وسعد القرظ فكان كلٌّ منهما بمسجدهِ الذي رتَّب فيه، وأمَّا ابن أمِّ مكتومٍ فلم يرد أنه كان يؤذِّن إلا في الصُّبح، فلعلَّ الإسماعيليَّ استشعرَ إيرادَ هؤلاء فقال ما قال، ويمكنُ أنه أراد مؤذِّنٌ واحدٌ؛ أي: في الجمعة، فلا ترد الصُّبح مثلاً، وعرف بهذا الرَّد على ما ذكرهُ ابن حبيب أنَّه عليه الصلاة والسلام كان إذا رقى المنبَرَ وجلس أذَّن المؤذِّنون وكانوا ثلاثَةً، واحداً بعد واحدٍ، فإذا فرغَ الثالث قام فخطَبَ، فإنه دعوى تحتاجُ لدليلٍ، ولم يردْ ذلك صريحاً من طريقٍ متَّصلةٍ يثبتُ مثلها، انتهى.