الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب فضل الغسل يوم الجمعة

          ░2▒ (بَابُ فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهَلْ عَلَى الصَّبِي شُهُودُ يَوْمِ الجُمُعَةِ) وسقط: <يوم> من بعض الأصُول المعتمدة.
          (أَوْ عَلَى النِّسَاءِ؟) بـ((أو)) الترديدية في جميعِ الأصُول، ولعلَّها بمعنى الواو، ويدلُّ له قولُهم: وفي هذه الترجمة ثلاثةُ أشياء، واقتصرَ على ذكر حكم الأول؛ لأنَّ معناه الترغيبُ فيه، وهو القدرُ الذي اتَّفقت الأدلةُ على ثبوته، ولم يجزمْ بالحكمِ في الأخيرين؛ لأنَّ ما ذكره لا يدلُّ على وجوبِ شهودِ الجمُعة ولا غيره.
          واعترضَ أبو عبد الملك على المصنِّف فإنه بوَّبَ: هل على الصَّبي أو النساء شهودُ الجمُعة؟ وذكر حديث: ((إذا جاء أحدُكم الجمُعةَ فليغتسلْ)) وليس فيه ذكرُ شهودٍ ولا غيره.
          وأجاب ابنُ التِّين: بأنه أراد سقوطَ الوجوب عنهم، أما الصِبيانُ فبالحديثِ الثالث؛ لأنه قال: ((غسلُ يومِ الجمعةِ واجبٌ على كلِّ محتلمٍ)) فدلَّ على عدمِ وجوبها على الصِّبيان، وأمَّا النساءُ فمنْ حيث إنَّ الفروضَ تجب عليهنَّ في الأكثرِ بالحيض لا بالاحتلام.
          وتعقَّب: بأنَّ الحيضَ في حقِّهنَّ علامةُ البلوغ كالاحتلام، وليس الاحتلامُ مختصاً بالرجال، وذكر في الخبر لكونه الغالب، وإلا فالمدارُ على البلوغِ بالإنزال أو السنِّ.
          وقال الكرمانيُّ: لفظُ أحد المضاف عامٌّ للصَّبي والنساء و((إذا)) للتَّحقيق فتدلُّ على شهودهما.
          واعترضَه العينيُّ: بأنَّ ما قاله مبنيٌّ على ما فهم أنَّ الاستفهامَ في الترجمة للجزمِ، وليس كذلك. انتهى.
          وقال في ((الفتح)): لعلَّه أشار بذلك إلى الحديثِ الذي رواه أبو داود عن طارقِ بن شهابٍ مرفوعاً المصرح بأنه لا جمعةَ على امرأةٍ ولا صَبي، لكنه ليس على شرطه، وإنْ كان صحيحَ الإسناد.
          وقدمتُه في الباب السَّابق.