نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: طعام الواحد يكفي الاثنين

          ░11▒ (بابٌ: طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاِثْنَيْنِ) هذه التَّرجمة لفظ حديث أخرجه ابن ماجه بإسناده عن عُمر بن الخطاب ☺، قال: قال رسول الله صلعم : ((إنَّ طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثَّلاثة والأربعة، وطعام الأربعة يكفي الخمسة والسِّتة)).
          وروى الطَّبراني من حديث ابن عُمر ☻ ، قال: قال رسول الله صلعم : ((كلوا جميعاً ولا تفرَّقوا / فإنَّ طعامَ الواحد يكفي الاثنين)). وروى الطَّبراني أيضاً من حديث ابن مسعود ☺، قال: قال رسول الله صلعم : ((طعامُ الواحد يكفِي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة)). وروى الطَّبراني أيضاً من حديث سَمُرة بن جندب ☺: أنَّ رسول الله صلعم قال: ((طعامُ الواحد يكفي الاثنين)).
          قيل: تأويله شبعُ الواحد قوت الاثنين، وحديث الباب يخالف التَّرجمة، كما لا يخفى؛ لأنَّ مقتضى التَّرجمة أنَّ الواحدَ يكتفي بنصف ما يشبعه، ولفظ الحديث بالثُّلث ثمَّ الرُّبع.
          وأُجيب: بأنَّ ذلك على سبيل التَّشبيه، أو المرادُ منه التَّقريبُ لا التَّحديد والنِّصف والثُّلث متقاربان، أو أنَّه لمَّا وَرَدَ في غير هذه الرِّواية طعام الواحد كافٍ للاثنين، كما رواه مسلم من طرق، وكما ذكر من الأحاديث المذكورة، ولمَّا لم تكن تلك الأحاديث على شرطه أشار بالتَّرجمة إلى هذه الألفاظ المذكورة في تلك الأحاديث، وذَكَرَ حديثَ أبي هريرة ☺ في الباب لكونه على شرطهِ، كما هو عادته في أمثاله.
          ويجاب أيضاً: بأنَّ الجامع بين الحديثين أنَّ مطلق طعام القليل يكفِي الكثير، وكون طعام الواحد يكفي الاثنين يُؤخذ منه أنَّ طعامَ الاثنين يكفي الثَّلاثة بطريق الأولى بخلاف عكسهِ.