نجاح القاري لصحيح البخاري

باب التسمية على الطعام والأكل باليمين

          ░2▒ (باب) استحباب (التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ) أي: القول بسم الله عند ابتداءِ الأكل، وأصرح ما ورد في صفة التَّسمية ما رواه أبو داود والتِّرمذي من طريق أمِّ كلثوم، عن عائشة ☻ مرفوعاً: ((إذا أكلَ أحدُكم الطَّعام فليقل: بسم الله، فإن نسيَ في أوَّله فليقلْ بسم الله أوَّله وآخره)). والأمر بالتَّسمية عند الأكل محمولٌ على النَّدب طرداً للشَّيطان ومنعاً له من الأكل عند الجمهور وحملَه بعضُهم على الوجوب لظاهر الحديث.
          وقال النَّووي: استحباب التَّسمية في ابتداء الطَّعام مُجْمَعٌ عليه، وكذا يستحبُّ حمد الله في آخره قيل: وهو سنة كفاية إذا أتى به البعض سقطَ عن الباقين كردِّ السَّلام وتشميتِ العاطس، لأنَّ المقصود من منع الشَّيطان من الأكل يحصلُ بواحد.
          نعم، ومع ذلك، يُستحبُّ لكلِّ واحدٍ، بناءً على ما عليه الجمهور أنَّ سنةَ الكفاية كفَرْضِها مطلوبةٌ من الكلِّ لا من البعضِ فقط، ولذا قال العُلماء: يستحبُّ أن يجهرَ بالتَّسمية لِيُنَبِّه غيره ويُقَاسُ بالأكلِ والشربُ، وأقله كما قال النَّووي: بسم الله، وأفضله: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، لكن قال الحافظُ العسقلاني: لم أَرَ لما ادَّعاه من الأفضلية دليلاً خاصاً. انتهى.
          فإن تَرَكَه عامداً أو ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً أو عاجزاً لعارض، ثمَّ تمكَّن في أثناء الأكل يستحبُّ له أن يسمِّي ويقول: بسم الله أوَّلَه وآخِرَه، كما في الوضوء على ما قيل، ولو سمَّى مع كلِّ لقمة فهو أحسن حتَّى لا يشغله الشَّره عن ذكر الله؛ فتسمية الله تعالى في أوَّله وآخره ترياقٌ وبركة لطعامه.
          وفي «الإحياء»: أنَّه يستحب أن يقول مع الأولى: / بسم الله، ومع الثَّانية: بسم الله الرَّحمن، ومع الثَّالثة: بسم الله الرحمن الرحيم، لكن قال الحافظُ العسقلاني: لم أر لاستحباب ذلك دليلاً.
          (وَ) استحباب (الأَكْلِ بِالْيَمِينِ) بالجرِّ عطف على التَّسمية، وسيأتي ما يتعلَّق به إن شاء الله تعالى.