نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة

          ░8▒ (بابُ الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ) بتشديد القاف الأولى؛ أي: المُلَيَّن يقال: رقَّق الصَّانع الخبز؛ أي: ليَّنه وجعلَه رقيقاً، وهو الرُّقاق أيضاً، بالضم، وقال الجوهريُّ: الرُّقاق، بالضم: الخبز الرَّقيق، وقال القاضي عياض: قوله: ((مرقَّقاً)) أي: مليَّناً محسناً كخبز الحُوَّارَى وشبهه، وقال ابن التِّين: المرقَّق خبز السَّميد وما يصنعُ منه من كعكٍ وغيره، وقال ابنُ الجوزي: المرقَّق هو الخفيفُ كأنَّه مأخوذٌ من الرُّقاق وهي الخشبةُ التي تُرَقَّق بها، وقيل: هو الموسَّع.
          (وَالأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ) بكسر الخاء المعجمة، في اليونينيَّة وغيرها، وهو المشهور، وقد جاء ضمُّها، وفي «القاموس»: الخوان كغراب وكتاب: ما يؤكل عليه الطَّعام، وفيه لغة ثالثة إِخْوان، بكسر الهمزة وسكون الخاء، وهو معرَّب. قال الجَواليقي: تكلَّمت به العرب قديماً، وقال ابن فارس: إنَّه اسمٌ أعجمي، وعن ثعلب: سمِّي بذلك؛ لأنَّه يتخوَّن ما عليه؛ أي: ينتقص.
          وقال القاضي عياض: إنَّه المائدة ما لم يكن عليه طعام، ويُجْمَعُ على أخونة في القلَّة، وخُون، بضم أوله في الكثرة، والأكل على الخوان من دأب المترفين وصنع الجبابرة.
          وقال العيني: ليس فيما ذكر كله بيان هيئة الخوان، وهو: طبقٌ كبير من نحاس تحته كرسي من نحاسٍ ملزوقٌ به طوله قدر ذراع يوضعُ فيه الزَّبادي، ويوضع بين يَدَي كَبِيرٍ من المترفين، ولا يحمله إلَّا اثنان فما فوقهما.
          (وَالسُّفْرَةِ) أي: والأكل على السُّفرة، وهي بضم السين: اسم لما يوضع عليه الطَّعام يتَّخذه المسافر، وأكثر ما يحملُ في جلدٍ مستديرٍ حوله حلق من حديد يضم به ويعلَّق، وأصلها الطَّعام نفسه يُتَّخَذُ للمسافر فنُقِلَ إلى الجلد المذكور وسمِّي به كما سمِّيت المزادة رواية.