نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: ميراث الأخوات مع البنات عصبةً

          ░12▒ (باب: مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ) للأبوين أو لأبٍ (مَعَ الْبَنَاتِ) أي: مع اجتماع البنات (عَصَبَةً) بالنَّصب حال، وبالرَّفع خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي (1) عصبة.
          قال ابن بطَّال: أجمعوا على أنَّ الأخوات عصبةٌ مع البنات، فيرثنَ ما فضل عن البنات، فمن لم يُخلِّف إلَّا بنتًا وأختًا، فللبنت النِّصف، وللأخت النِّصف الباقي على ما في حديث معاذٍ ☺، وإن خلَّف بنتين وأختًا فلهما الثُّلثان، وللأخت ما بقيَ، وإن خلَّف بنتًا / وأختًا، وبنت ابنٍ فللبنت النِّصف، ولبنت الابن السُّدس تكملة للثُّلثين، وللأخت ما بقيَ على ما في حديث ابن مسعودٍ ☺؛ لأنَّ البنات لا ترث أكثر من الثُّلثين.
          ولم يُخالف في شيءٍ له من ذلك إلَّا ابن عبَّاس ☻ ؛ فإنَّه كان يقول: للبنت النِّصف، وما بقي للعصبة، وليس للأخت شيءٌ، وكذا للبنتين الثُّلثان، والبنت وبنت الابن كما مضى، والباقي للعصبة، فإذا لم يكن عصبة رُدَّ الفضل على البنت.
          قال ابن بطَّال: ولم يوافق ابن عبَّاس على ذلك أحدٌ إلَّا أهل الظَّاهر، قال: وحجَّة الجماعة أنَّ عدم الولد في قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء:176] إنَّما جُعِل شرطًا في فرضها الَّذي تقاسم به الورثة لا في توريثها مطلقًا، فإذا عُدِم الشَّرط سقط الفرض، ولم يمنع ذلك أن ترث لمعنى آخر كما شُرط في ميراث الأخ من أخته عند عدم الولد؛ لقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء:176].
          وقد أجمعوا على أنَّه يرثها مع البنت، وهو كما جُعِل النِّصف في ميراث الزَّوج شرطًا إذا لم يكن له ولدٌ، ولم يمنع ذلك أن يأخذَ النِّصف مع البنت، فيأخذُ نصف النِّصف بالفرض، والنِّصف الآخر بالتَّعصيب إن كان ابن عمٍّ مثلًا، فكذلك الأخت، والله أعلم.


[1] في هامش الأصل: في نسخة: هن.