إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كنت بالبحر فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو

          4359- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هو عبدُ اللهِ بنُ محمَّد بنِ أبي شيبةَ، إبراهيمَ بنِ عثمانَ أبو بكرٍ الكوفيُّ الحافظُ (العَبْسِيُّ) بفتح العين وكسر السين المهملتين بينهما موحدة ساكنة، قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ) عبدُ اللهِ الأوْديُّ _بسكون الواو_ أبو محمَّد الكوفيُّ الثِّقةُ العابدُ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ) الأحمسيِّ مولاهُم البجليِّ (عَنْ قَيْسٍ) هو ابنُ أبي حازم (عَنْ جَرِيرٍ) البجليِّ ☺ ، أنَّه (قَالَ: كُنْتُ بِالبَحْرِ) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ والأَصيليِّ وابنِ عساكرٍ ”باليمنِ“ (فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ ذَا الكَلَاع) بفتح الكاف واللام المخففة وبعد الألف عين مهملة، اسمه: أسْمَيْفَع _بسكون السين المهملة وفتح الميم وسكون التحتية وفتح الفاء بعدها عين مهملة_ ويقال: أيفعُ بن باكوراءَ، ويقال: ابنُ حوشب بنِ عمرو (وَذَا عَمْرٍو) بفتح العين، وكانا من ملوكِ اليمنِ، وكان جرير قضَى حاجتهُ وأقبلَ راجعًا يريد المدينةَ، وكانا أيضًا قد عزمَا على التوجُّهِ إلى المدينةِ.
          قال جريرٌ: (فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ) أي: ذا كَلاع وذا عَمرو ومن معهما (عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَقَالَ لَهُ) لجريرٍ (ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ) يعني: النَّبيَّ صلعم (لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ) جواب الشَّرط مقدَّر(1)، أي: إن أخبرتني بهذا أخبرتُكَ بهذا، فالإخبارُ سببٌ للإخبارِ، ومعرفةُ ذي عَمرو بوفاته ╕ إمَّا بطريقِ الكهانةِ أو أنَّه كانَ من المُحدَّثين، أو بسماعٍ من بعض القادمين سرًّا. قاله الكِرْمانيُّ، وتعقَّبه في «الفتح»: بأنَّهُ لو كانَ مستفادًا من غيرهِ لَمَا احتاجَ إلى بناءِ ذلك على ما ذكره جرير، فالظَّاهر أنَّه قاله(2) عن اطِّلاعٍ من الكتبِ القديمةِ (وَأَقْبَلَا مَعِي) متوجهينَ إلى المدينةِ (حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ‼ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ المَدِينَةِ) بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: من جهتها (فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالَا) ذو الكَلاعِ وذو عَمرو: (أَخْبِرْ صَاحِبَكَ) أبا بكرٍ ☺ (أَنَّا قَدْ جِئْنَا، وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ) إليه (إِنْ شَاءَ اللهُ) تعالى (وَرَجَعَا(3) إِلَى اليَمَنِ) قال جريرٌ: (فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ) جَمَعَ باعتبارِ من معهم، أو أنَّ أقلَّ الجمعِ اثنان (قَالَ: أَفَلَا جِئْتَ بِهِمْ) وروى سيف في «الفتوح» أنَّ أبا بكرٍ بعثَ أنسَ بنَ مالكٍ يستنفرُ أهلَ اليمنِ إلى / الجهادِ، فرحلَ(4) ذو الكلاعِ ومن معهُ (فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ) بالبناءِ على الضم، أي: بعد هذا الأمرِ في خلافةِ عمر بنِ الخطَّاب وهاجر ذو عَمرو (قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ، إِنَّ بِكَ(5) عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا؛ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ) بقصر الهمزة وتشديد الميم في الفَرْع وفي غيرهِ: بمد الهمزة وتخفيف الميم، أي: تشاورتم (فِي) أميرٍ (آخَرَ) ومعنى المشدَّدِ(6): أقمتُم أميرًا منكُم عن رضا منكُم، أو عهد من الأوَّل (فَإِذَا كَانَتْ) أي: الإمارةُ (بِالسَّيْفِ) أي: بالقهرِ والغلبةِ (كَانُوا) أي: الخلفاء (مُلُوكًا، يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا المُلُوكِ).


[1] «مقدر»: ليست في (ب).
[2] في (م): «قال».
[3] في (م) و(ب): «رجعنا».
[4] في (م): «فدخل».
[5] نبَّه الشيخ قطة ☼ إلى أنه وقع في عدة نسخ: «لَكَ».
[6] في (ب): «التشديد».