إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من يذهب في إثرهم؟

          4077- وبه قال: (حَدَّثَنَا) بالجمعِ، ولأبي ذرٍّ ”حَدَّثني“ (مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلامٍ قالَ: (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمد بن خازمٍ السَّعديُّ (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بن الزُّبير بن العوَّامِ (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) في سبب نزول قوله تعالى: ({الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ}) مبتدأ خبرُه: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} أو صفةٌ للمؤمنينَ، أو نصب على المدحِ ({مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}) الجرحُ ({لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ}) «من» للتَّبيينِ، كهي(1) في قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً}[الفتح:29] لأنَّ الذينَ استجابوا للهِ والرسولِ قد أحسنُوا كلُّهم واتّقوا لا بعضهم ({أَجْرٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:172]) في الآخرةِ.
          (قَالَتْ) أي: عائشة ♦ (لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي) هي أسماءُ بنت أبي بكر (كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمُ؛ الزُّبَيْرُ وَ) أبي (أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق ☺ ، ولابنِ عساكرٍ ”أبواكَ“ بالتَّثنية، وعلى هذا ففيه إطلاقُ الأبِ على الجدِّ (لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللهِ) نصب على المفعوليَّةِ(2)، ولأبي ذرٍّ ”نبيَّ الله“ ( صلعم مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ / ، وَانْصَرَفَ) بالواوِ، ولأبي ذرٍّ ”فانصرفَ“ (المُشْرِكُونَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”عنهُ المشركونَ“ (خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا) إليهم لِمَا بلغهُ أنَّ أبا سفيانَ وأصحابهُ لمَّا انصرفوا من أُحدٍ فبلغوا الرَّوحاءَ ندمُوا وهَمّوا بالرُّجوعِ (قَالَ) ولأبوي ذرٍّ والوقت ”فقالَ“: (مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ؟) بكسر الهمزة وسكون المثلثة، وعند ابن إسحاق أنَّهُ إنَّما خرجَ(3) مُرْهبًا للعدوِّ، وليظنُّوا أنَّ الذي أصابهم لم يُوهنهمْ عن طلبِ عدوِّهم (فَانْتَدَبَ) فأجاب (مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا) ممن حضرَ وقعةَ أُحُد (قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ) وسمَّى منهم ابنُ عباسٍ عند الطَّبرانيِّ(4): أبا (5) بكر وعمر وعثمان وعليًّا وعمارَ بن ياسر وطلحةَ وسعدَ بن أبي وقاص وعبدَ الرَّحمن بن عوف وأبا(6) حذيفةَ وابنَ مسعودٍ ♥ . وعندَ ابنِ إسحاق وغيره(7) أنَّهم لمَّا بلغُوا حمراءَ الأسدَ، وهي من المدينةِ على ثلاثةِ أميالٍ، فألقَى اللهُ الرعبَ في قلوبِ المشركينَ فذهبوا، فنزلتْ هذه الآية.


[1] «كهي»: ليست في (ص).
[2] في (ص): «المفعول به».
[3] في (م): «خرجوا».
[4] عزاه في «الفتح» للطبري.
[5] في (د) و(ص): «أبو».
[6] في (د) و(ص): «وأبو».
[7] في (ص): «غيرهم».