إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: آية الإيمان حب الأنصار

          3784- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الفراهيديُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ) كذا في الفرع وأصله لكنَّه ضُبِّب عليه، وقال في الهامش: ”عن عبد الله“ بدل «عبد الرَّحمن»، وهو الصَّحيح(1) (بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ) بفتح الجيم وسكون المُوحَّدة، وقيل: جابر بن عتيكٍ الأنصاريِّ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: آيَةُ الإِيمَانِ) أي: علامته (حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ) وقد وقع في إعراب الحديث لأبي البقاء العُكْبريِّ: «إنَّه الإيمانُ» بهمزةٍ مكسورةٍ ونونٍ مُشدَّدةٍ وهاءٍ، و«الإيمان» مرفوعٌ، وأعربه، فقال: «إنَّ» للتَّأكيد، والهاء ضمير الشَّأن، و«الإيمان» مبتدأٌ، وما بعده خبرٌ، ويكون التَّقدير: إنَّ الشَّأنَ الإيمانُ حبُّ الأنصار، وهذا تصحيفٌ، وفيه نظرٌ من جهة المعنى؛ لأنَّه يقتضي حصر الإيمان في حبِّ الأنصار‼، وليس كذلك، فإن قلت: واللَّفظ المشهور أيضًا يقتضي الحصر؛ أُجيب بأنَّ العلامة كالخاصَّة تطَّرِد ولا تنعكس، وإن أُخِذ من طريق المفهوم؛ فهو مفهوم لقبٍ لا عبرةَ به سلَّمنا الحصر لكنَّه ليس حقيقيًّا بل ادِّعائيًّا للمبالغة، أو هو حقيقةٌ(2)، لكنَّه خاصٌّ بمن أبغضهم من حيث النُّصرة كما مرَّ، أو يُقال: إنَّ اللَّفظ خرج على معنى التَّحذير، فلا يُراد ظاهره؛ ولذا لم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضدُّه، بل قابله بالنِّفاق؛ إشارةً إلى التَّرغيب والتَّرهيب، والتَّرهيب إنَّما / خُوطِب به من يُظهِر الإيمان، أمَّا من يُظهِر الكفر فلا؛ لأنَّه مرتكبٌ ما هو أشدُّ من ذلك.
          وهذا الحديث قد مرَّ في «كتاب الإيمان» [خ¦17].


[1] في (ب) و(س): «الصَّواب».
[2] في (ص) و(م): «للحقيقة».