الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا حلله من ظلمه فلا رجوع فيه

          ░11▒ (باب: إذا حَلَّلَه مِنْ ظُلْمِه فلا رُجُوع فِيه)
          أي: معلومًا عند مَنْ يَشْتَرِطه أو مجهولًا عند مَنْ يُجِيْزُه، وهو فيما مَضَى باتِّفاق، وأمَّا فيما سيأتي ففيه الخلاف.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة مِنْ جهة أنَّ الخلع عقدٌ لازم، فلا يصحُّ الرُّجوع فيه، ويلتحق به كلُّ عقد لازم كذلك، كذا قالَ الكَرْمانيُّ فوهم، ومَوْرِد الحديث والآية إنَّما هو في حقِّ مَنْ تُسْقِط(1) حَقَّها مِنَ القِسْمَة، وليس مِن الخلْع في شيء، فمِنْ ثمَّ وَقَعَ الإِشْكَال، فقال الدَّاوديُّ: ليست التَّرجمة بمطابقة للحديث، ووجَّهه(2) ابن المنيِّر بأنَّ التَّرجمة تتناول إسقاط الحقِّ مِنَ المظلمة الفائتة، والآية مضمونها إسقاط الحقِّ المسْتَقْبَل حتَّى لا يَكُون عدمُ الوفَاء به مظلمة لسقوطه.
          قالَ ابن المنيِّر: لكنَّ البخاريِّ تلطَّف في الاستدلال وكأنَّه يقول: إذا نَفَذَ الإسْقَاط في الحقِّ المتَوَقَّع فلأَنْ يَنْفُذَ في الحقِّ المُحَقَّقِ أَوْلَى. انتهى مِنَ «الفتح».
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع» تحت الباب: يعني بذلك ما هو إسقاط محضٌ، فأمَّا إذا حَلَّلته ممَّا لم يوجد بعد مِنَ القَسْم وأمثاله فلها الرُّجوع فيه، لأنَّ الإسقاط لم يُوجد إلَّا فيما وُجِد، فلهَا أنْ تَمْنَع ما فوق ذلك لأنَّه ليس رجوعًا فيما أسْقَطَتْه بل هو امتناع عن الإسقاط فيما بعد، فلا يعترض بالرِّواية في إثبات الأحناف للمرأة الرُّجوع فيما أسقطته مِنْ قسمه، ثمَّ دلالة الرِّواية على التَّرجمة، أي: الماضية كما تقدَّم في أوَّل الباب، وكذلك في التَّرجمة الآتية محتاجة إلى فضلِ تدبُّرٍ، وحاصل المعنيين: / قياس الموجود والماضي على المستقبل والآتي، والاستدلال بحصَّة الشُّرب الشَّائع على الحقِّ المبهم. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((يسقط)).
[2] في (المطبوع): ((فوجهه)).