الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الانتصار من الظالم

          ░6▒ (باب: الانْتِصَار مِنَ الظَّالِم)
          أي: هذا باب في بيان الانتصار، أي: الانتقام، قاله العَينيُّ.
          وقال الحافظ: أمَّا الآية الأُولى فروى الطَّبَريُّ مِنْ طريق السُّدِّيِّ قوله: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النِّساء:148] أي: فانتصَر بمثْل ما ظُلَم به، فليس عليه ملامة، وعن مجاهد: {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} فانْتَصَر فإنَّ لهُ أن يجْهَرَ بالسُّوء، وعنه: نزلت في رَجل نزل بقوم فلم يضيفوه، فرُخِّص له أن يقول فيهم، وعن ابن عبَّاسٍ: المراد بالجهر مِنَ القول: الدُّعاء، فرُخِّص للمظلوم أن يدعو على مَنْ ظلمه.
          وأمَّا الآية الثَّانية فروى الطَّبَريُّ مِنْ طريق السُّدِّيِّ أيضًا في قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى:39] قال: يعني: ممَّن بغى عليهم مِنْ غير أن يعتدوا [انتهى].
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع» تحت الآية الثَّانية: قد يُستنبط مِنْ تلك الآيات إشارة ما إلى ترتيب الخلافة فقوله: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:37] شأن أبي بكر رضي الله تعالى عنه حيث لم يقترف الفواحش والكبائر في جاهليَّة ولا إسلام.
          {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:38] شأن عمر ☺ حيث ترك الخلافة شورى بين نفر مِنَ الصَّحابة.
          {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ} [الشورى:39] عثمان حيث بغَوا عليه وقتلوه ظلمًا.
          {هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى:39] عليٌّ كرم الله وجهه المنتقم مِنَ الأعداء، ولمَّا كان البغي على عثمان بغيًا على عليٍّ وانتصارُ عليٍّ انتصارَ عثمان لكونهما نائبين منيبين ورضاءُ كلٍّ منهما بفعل الآخر؛ صحَّ إسناد الفعلين إليهما معًا، والله تعالى أعلم. انتهى.
          وبسط الكلام عليه في «هامشه» مِنْ كلام صاحب «الإشاعة في أشراط السَّاعة» وذكر فيه أيضًا ما ترجَّح عند هذا العبد الفقير، فارجع إليه لو شئت.