التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع

          3331- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَمُوسَى بْنُ حِزَامٍ): أمَّا (أبو كريب)؛ فهو مُحَمَّد بن العلاء، تَقَدَّمَ مرارًا، وأمَّا (موسى بن حزام)؛ فبالزاي، ثقةٌ مشهورٌ، داعيةٌ إلى السُّنَّة، ترمذيٌّ، روى عنه البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، وابنُ أبي داود، وقد أخرج له البُخاريُّ مقرونًا كما ترى، وقد وثَّقهُ النَّسائيُّ وغيره.
          قوله: (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ): هذا هو حُسين بن عليِّ بن الوليد الجعفيُّ، عن خاله الحسنِ بنِ الحُرِّ، وجعفر بن بُرقان، والأعمش، وعنه: أحمدُ، وعبدٌ، وابنُ الفرات، قال أحمدُ: (ما رأيتُ أفضلَ منه ومِن سعيد بن عامر)، وقال يحيى بن يحيى: (إن بَقِيَ أحدٌ من الأبدال؛ فهو)، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة ░203هـ▒ وله أربعٌ وثمانون سنةً، أخرج له الجماعة.
          قوله: (عَنْ زَائِدَةَ): هذا هو زائدةُ بن قُدامةَ، أبو الصَّلْتِ الثَّقَفيُّ الكوفيُّ الحافظُ، تَقَدَّمَ، و(أَبُو حَازِمٍ): تَقَدَّمَ أيضًا، واسمه سَلْمَان.
          قوله: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ): يحتمل أنَّ يكون معناه: أوصوا بهنَّ، وقد جاء (استفعل) بمعنى الفعل، ويحتمل أن يكون (استفعل) على أصله؛ وهو طلب الفعل، فيكون معناه: اطلبوا الوصيَّة من المريض بالنساء؛ لأنَّ عائد المريض يُستَحَبُّ له أن يحثَّ المريضَ على الوصيَّة، ذكرهما ابن الجوزيِّ، قاله شيخنا.
          قوله: (مِنْ ضِلَعٍ): هو بكسر الضاد المُعْجَمَة، وفتح اللام، ويجوز تسكينها، والضِّلَع التي خُلِقَت منه المرأة _يعني: حوَّاء_ تَقَدَّمَ أنها القُصَيرى، ويقال لها: القُصْرَى، وكانت في الجانب الأيسر، نام آدم صلعم نومةً(1)، فاستلَّ المَلَك ضِلَعه، فخلق الله منها حوَّاء ♂، وجُعِل مكانها لحمٌ، وقد قَدَّمْتُ أنَّهم اختلفوا متى خُلِقَت من ضِلَعه، فقيل: قبل دخوله الجنَّة، فدخلاها، وقيل: خُلِقَت في الجنَّة [خ¦3330]، وينبغي أنَّا إذا قلنا: (نام، فاستلَّ المَلَك ضِلَعه) أن يكون ذلك قبل الدخول للجنَّة، وأمَّا الجنَّة؛ فلا نوم فيها، ويحتمل أن يقال: إنَّ النوم لا يكون فيها في الدار الآخرة إذا دخلها المؤمنون، والله أعلم.
          قوله: (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ): ضربه مثالًا على المرأة؛ لأنَّ فيه اللسان، وهو الذي يُبغَى منها، وقيل في قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}[الأنبياء:90]: إنَّه كان في لسانها طولٌ، فأذهب الله ذلك عنها، ولبعضهم نظمُ معنى الحديث: [من الطويل]
هِيَ الضِّلَعُ العَوْجَاءُ لَسْتَ تُقِيمُهَا                     أَلَا إِنَّ تَقْوِيمَ الضُّلُوعِ انْكِسَارُهَا
أَتَجْمَعُ ضَعْفًا واقْتِدَارًا عَلَى الفَتَى                     أَلَيْسَ عَجِيبًا ضَعْفُهَا واقْتِدَارُهَا؟!
          قال شيخنا هنا: («إنَّ أعوج شيء في الضلع أعلاه»؛ يريد: اللسان، قاله الداوديُّ، وهو غريبٌ)، انتهى.
          قوله: (أَعْلَاهُ): صوابه: أعلاها، وكذا قوله: (لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ): صوابه: عوجاء؛ لأنَّ (الضِّلَع) مؤنَّثة، اللَّهمَّ إلَّا أن يُقال: إنَّ هذا ليس له فَرْجٌ حقيقيٌّ، ويحتمل عود (أعوج) إلى (أعلى الضِّلَع)، قاله شيخنا بمعناه.
          قوله: (تُقِيمُهُ؛ كَسَرْتَهُ): أي: بالطلاق، وكذا في «مسلم»: «وكسرها طلاقها».


[1] في (ب): (◙ يومه).