شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

          ░43▒ باب: مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.
          فيه سَهْلٌ: (شَهِدْتُ الْمُتَلاعِنَيْنِ، فَقَالَ النَّبيُّ ◙: إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَهُو، فقَالَ(1) الزُّهْرِيُّ: فَجَاءَتْ بِهِ لِلَّذِي يُكْرَهُ). [خ¦6854]
          وفيه ابْنُ عَبَّاسٍ ذَكَرَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ: هِيَ التي قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: (لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً من غَيْرِ(2) بَيِّنَةٍ؟ قَالَ: لا تِلْكَ المْرَأَةُ أَعْلَنَتْ) الحديث. إلى قوله ◙: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ)، فَوَلدتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الذي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلاعَنَ النَّبيُّ صلعم بَيْنَهُمَا، فَقَالَ الرَجُل لابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ التي قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لَوْ رَجَمْتُ امْرَأَةً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ِلَرَجَمْتُهَا؟ قَالَ: لا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ في الإسْلامِ تُظهر السُّوءَ(3)). [خ¦6855]
          قال المُهَلَّب: هذا الحديث أصلٌ في أنَّه لا يجوز أن يُحَدَّ أحدٌ بغير بيِّنةٍ وإن اتُّهم بالفاحشة، ألا ترى أنَّه صلعم قد وسم ما في بطن المرأة الملاعنة بالمكروه وبغيره، فجاءت به على النعت(4) المكروه بالشبه للمتَّهم بها(5)، فلم يقم عليها الحدَّ بالدليل الواضح إذ كان ذلك خلاف ما شرع(6) الله تعالى، فلا يجوز أن تتعدَّى حدود الله، فلا(7) يستباح دمٌ ولا مالٌ إلَّا بيقينٍ لا شكَّ فيه، وهذه رحمةٌ من الله تعالى بعباده، وإرادة الستر عليهم والرفق بهم ليتوبوا.


[1] في (ت): ((قال)).
[2] في (ت): ((بغير)).
[3] في (ت): ((الشر)).
[4] قوله: ((النعت)) ليس في (ت).
[5] قوله: ((بها)) ليس في (ت).
[6] في (ت): ((ذكر)).
[7] في (ت): ((ولا)).