عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: إذا وقف أرضا أو بئرا واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين
  
              

          ░33▒ (ص) بابُ إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
          (ش) أَي: هَذَا بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ إذا وقف شخصٌ أرضًا أو بئرًا، قال الكَرْمَانِيُّ: وكلمة «أو» للإشعار بأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يصلح للترجمة، وإن كان بالواو فمعناه: إذا وقف بئرًا واشترط، ومقصوده مِن هذه الترجمة الإشارة إلى جواز شرط الواقف لنفسه منفعة مِن وقفه، وقَالَ ابن بَطَّالٍ: لا خلاف بين العلماء أنَّ مَن شرط لنفسه ولورثته نصيبًا فِي وقفه أنَّ ذَلِكَ جائزٌ، وَقَدْ مَضَى هذا المعنى في (باب هل ينتفع الواقف بوقفه؟).
          (ص) وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا، فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا نَزَلَهَا.
          (ش) (أَنَسٌ) هو ابن مَالِكٍ.
          قَوْلُهُ: (دَارًا) أَي: بالمدينة.
          [قَوْلُهُ: (إِذَا قَدِمَهَا) أَي: المدينة نزلها].
          وهذا التعليق وصله البَيْهَقيُّ عَن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السلميِّ: أخبرنا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بن محمود المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَلِيٍّ الحافظ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُثَنَّى: حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ: حدثني أَبِي عن ثمامة عن أنسٍ: أنَّهُ وقف دارًا بالمدينة، فكان إذا حَجَّ مرَّ بالمدينة فنزل داره.
          (ص) وَتَصَدَّقَ الزُّبَير بِدُورِهِ، وَقَالَ لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَتْ بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ.
          (ش) (الزُّبَير) هو ابن العوَّام ☺ .
          قَوْلُهُ: (لِلْمَرْدُودَةِ) أي: المطلَّقة مِن بناته، ووقع فِي بعض النُّسَخ: <مِنْ نِسَائِهِ> قيل: صوَّبه بعض المتأخِّرين فوهِمَ، فإنَّ الواقع خلافها.
          قُلْت: مَن أين عُلِمَ أنَّ الواقع خلافها؟ فلمَ لا يجوز أن يكون الواقع خلاف البنات؟
          وهذا التعليق وصله الدارميُّ في «مسنده» مِنْ طَرِيق هشام بن عروة عَن أبيه: أنَّ الزُّبَير جعل دُوره صدقةً على بنيه لا يُباع ولا يوهب، وأنَّ للمَرْدُودة مِن بناته...، فذكر نَحْوه، ووصله البَيْهَقيُّ أَيْضًا.
          قَوْلُهُ: (أَنْ تَسْكُنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة، والتقدير: لأن تَسكنَ.
          قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُضِرَّةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وكسر الضاد، اسم فاعلٍ للمؤنَّث، مِنَ الضرر.
          قَوْلُهُ: (وَلَا مُضَرٌّ بِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وفَتْحِ الضاد، على صيغة اسم المفعول بالصلة.
          (ص) وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ ☺ سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ اللهِ.
          (ش) أَي: جعل عَبْد الله بن عُمَر الَّذِي خصَّه مِن دار عُمَر [ ☺ سُكنى لذوي الحاجة مِن آل عَبْد الله بن عُمَر؛ يعني: مَن كان محتاجًا إلى السكنى مِن أهله يسكن فيما خصَّه مِن دار عُمَر] التي تَصدَّق بها، وقال: لا تُباع ولا تُوهب، كذا ذكره ابن سعدٍ.