مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب توبة السارق

          ░14▒ باب توبة السارق
          فيه حديث عائشة أنه ◙ قطع يد امرأة. الحديث.
          وحديث عبادة السالف، وسلف في الشهادات اختلاف العلماء في قبول شهادة في كل شيء مما حد فيه وفي غيره لقول عائشة: فتابت وحسنت توبتها، وقد قال ◙: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)).
          وهو معنى قوله في حديث عبادة: أن الحدود في الدنيا كفارة وطهور، وهذا القول أرجح في النظر من قول من خالفه؛ لما شهد له وثابت الآثار ومعاني القرآن، وإليه أشار (خ) فيما أورده.
          وقال مالك في القاذف والزاني والسارق: إذا تابوا قبلت شهادتهم إلا في القذف والزنا والسرقة. وعنه رواية أخرى يقبل في كل شيء إذا زادوا في الصلاح، وأهل العراق يقولون: لا تقبل شهادة القاذف، وإن تاب وحسنت حاله قالوا: وإنما الاستثناء في الفسق ليس في قبول الشهادة.
          قال والدي ⌂:
          (باب السارق حين يسرق).
          قوله: (عمرو) ابن علي الصيرفي، و(فضيل) مصغر الفضل بالمعجمة ابن غزوان بفتح المعجمة وإسكان الزاي وبالواو وبالنون، و(عمر بن حفص) بالمهملتين والفاء ابن غياث بكسر المعجمة وخفة التحتانية وبالمثلثة.
          قال الأعمش سليمان: كانوا يرون أن المراد بالبيضة بيضة الحديد التي تكون على رأس المقاتل وبالحبل ما يساوي منها ثلاثة دراهم كحبل السفينة، وغرضه أنه لا قطع في الشيء القليل بل ما له نصاب كربع الدينار، قيل: ليس هذا السياق موضع استعمالها بل البلاغة تأباه؛ لأنه لا يذم في العادة من خاطر بيده فيما له قدر، وإنما يذم من خاطر فيما لا قدر له فهو موضع تقليل لا تكثير وليس المراد / بيان نصاب السرقة، بل التنبيه على عظم ما جسر عليه وهو التعرض لإتلاف يده في مقابلة حقير من المال أو أنه إذا سرق البيضة فلم يقطع جره إلى سرقة ما هو أكثر منها فكانت سرقتها هي سبب قطعه أو أنه ◙ قال ذلك عند نزول الآية مجملة قبل بيان النصاب فيها.
          قوله: (أبو إدريس عائذ الله) بالمهملة والهمز بعد الألف والمعجمة الخولاني بفتح المعجمة وإسكان الواو وبالنون، و(عبادة) بضم المهملة وخفة الموحدة وهذه الآية أي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية [الممتحنة:12]، مر الحديث بفوائده في كتاب الإيمان في باب حب الأنصار.
          قوله: (حمي) أي: محميٌّ معصوم من الإيذاء، و(عاصم) الأول هو ابن علي مولى آل أبي بكر الصديق روى عنه (خ) بغير الواسطة في الصلاة، و(عاصم) الثاني هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمرو، و(واقد) بكسر القاف وبالمهملة أخو عاصم روى عن جده.
          قوله: (يومنا) يعني: يوم النحر.
          فإن قلت: صح أن أفضل الأيام يوم عرفة؟ قلت: المراد باليوم وقت أداء المناسك وهما في حكم شيء واحد وسبق بلطائف في كتاب الحج.
          قوله: (ثلاثا) أي: قاله ثلاثاً، و(ويحكم) كلمة رحمة، و(ويلكم) كلمة عذاب.
          قوله: (ما لم يأثم) فإن قلت: كيف يخير رسول الله صلعم في أمرين أحدهما إثم؟ قلت: التخيير إن كان من الكفار فظاهر وإن كان من الله والمسلمين فمعناه ما لم يؤد إلى إثم كالتخيير في المجاهدة في العبادة والاقتصاد فيها فإن المجاهدة بحيث ينجر إلى الهلاك لا يجوز، وأما انتهاك حرمة الله فهو ارتكاب ما حرمه الله.
          وفيه الأخذ بالأسهل والحث على العفو والانتصار للدين وأنه يستحب للحكام التخلق بهذا الخلق الكريم فلا ينتقم لنفسه ولا يهمل حق الله تعالى مر في مناقب قريش في صفة النبي صلعم.
          قوله: (أبو الوليد) هشام الطيالسي، و(امرأة) هي فاطمة المخزومية بالمعجمة والزاي سرقت، و(لو فاطمة) أي: بنت رسول الله صلعم.
          قوله: (سعيد) هو البزاز بتشديد الزاي الأولى البغدادي، و(من يجترئ) أي: يتجاسر بطريق الإدلال، و(حب) بالكسر المحبوب، و(ايم الله) بالهمزة للوصل، مر في المناقب في باب أسامة.
          قوله: (في كم تقطع) قال الظاهرية لا نصاب له تقطع في القليل والكثير، وقال أبو حنيفة في عشرة دراهم، وقال الشافعي: في ربع دينار من الذهب، و(من الكف) وقال بعضهم من المرفق. وقيل: من المنكب، و(الشمال) بكسر الشين ضد اليمين وبفتحها ضد الجنوب، و(قال ليس إلا ذلك) يعني: لا تقطع بعد ذلك يمينها.
          قوله: (عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام، و(عمرة) بفتح المهملة وسكون الميم بنت عبد الرحمن، و(تابعه) أي: إبراهيم، عبد الرحمن بن خالد الفهمي بفتح الفاء، و(ابن أخي الزهري) محمد بن عبد الله، و(إسماعيل بن أبي أويس) مصغر الأوس بالواو والمهملة، و(ابن وهب) عبد الله، و(عمران بن ميسرة) ضد الميمنة، و(الحسين) أي: ابن ذكوان المعلم، و(يحيى) أي: ابن [أبي] كثير ضد القليل، و(محمد بن عبد الرحمن) يروي عن عمته عمرة.
          قوله: (عبدة) ضد الحرة ابن سليمان الكوفي، و(المجن) بكسر الميم وفتح الجيم وشدة النون، و(الجحفة) بفتح المهملة والفاء الترس من الجلد والغالب أن / ثمنه لا ينقص عن ربع دينار، و(حميد) بضم المهملة ابن عبد الرحمن الرواسي الكوفي، و(أدنى) أي: أقل، و(ذو ثمن) إشارة إلى أن القطع لا يكون فيما قل بل يختص بما له ثمن ظاهر، وفي بعضها: وكان كل واحد ذو ثمن فلا بد من تقدير ضمير الشأن في كان.
          و(وكيع) بفتح الواو، و(ابن إدريس) عبد الله الأودي بالواو والمهملة وهو مرسل لأنه لم يرفع إسناده ولعله خلاف الاصطلاح المشهور في المرسلات، و(محمد) هو ابن إسحاق بن يسار.
          قوله: (ثلاثة دراهم) فإن قلت: ما التوفيق بينه وبين ربع دينار؟ قلت: كان الدينار في ذلك الوقت يساوي اثني عشر درهماً وهو المناسب لما في نصاب الزكاة، أو عشرون مثقالاً ومائتا درهم هما النصابان فربع الدينار يكون درهمين ونصفاً فلم يعتبر الكسر، وقال: ثلاثة دراهم وهذا أمر تقريبي.
          قوله: (جويرية) مصغر الجارية بالجيم ابن أسماء الضبعي، و(أبو ضمرة) بفتح المعجمة وتسكين الميم وبالراء أنس، و(موسى بن عقبة) بضم المهملة وسكون القاف وبالموحدة.
          وفيه جواز لعن غير المعين من العصاة وقيل: يجوز لعن المعين أيضاً قبل الحد.
          قوله: (عبد الله الجعفي) بضم الجيم وسكون المهملة وبالفاء، و(أبو إدريس) عائذ الله بالهمز بعد الألف وبالمعجمة، و(أخذ) بلفظ المجهول؛ أي: حُدَّ بذلك، و(طهور) أي: مطهر له مر في أول كتاب الإيمان.
          الزركشي:
          (لعن الله السارق يسرق البيضة والحبل)، قال الأعمش: كانوا يرون إلى آخره روي ((يرون)) بفتح أوله وضمه، قيل: وهذا التأويل لا يطابق الحديث؛ لأنه قصد ما لا قيمة له في الخساسة بقطع يده.
          فمعناه أنه يبدأ بالقليل فيتجرأ عليه فيسرق ما له قيمة فيقطع، فزجره عن سرقة التافه حتى لا يهون عليه سرقة الكثير.
          (قالوا ألا شهرنا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام، وكذا الذي بعده حرف استفتاح.
          (يضرب) بالرفع، وسبق في الإيمان.
          (المرأة المخزومية) هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بن هلال، وأبوها الأسود قتله حمزة يوم بدر أول من قتل، وكان عاهد الله [أن] يشرب من حوض المسلمين أو ليهدمنه أو ليموتن دونه، فخرج إليه حمزة فقتله.
          (حب) بكسر الحاء؛ أي: حبيبه.
          (وإيم الله) بكسر الهمزة وفتحها، وأصلها: أيمن الله فحذفت منها النون، وتستعمل في القسم، وهي مرفوعة بالابتداء، والخبر محذوف؛ أي: أيمن الله لازمة.
          (المجن) بميم مكسورة وجيم مفتوحة، وعند سيبويه: أن ميمه أصلية وأنه فعل، وخالفه الجمهور فجعلوه مِفعلا من جن إذا ستر، ولهذا أورده صاحب ((الصحاح)) في فصل جن.
          (حجفة) بحاء مهملة ثم جيم مفتوحتين، هي: الدرقة، وقوله: ((حجفة أو ترس)) بدل من ((مجن)).