مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من ذبح الأضاحي بيده

          ░9▒ باب من ذبح الأضاحي بيده
          فيه حديث أنس: ((ضحى النبي صلعم بكبشين...)) الحديث، الصفاح بكسر الصاد يعني جانبي وجهها، وعبارة الداودي: الصفاح جانب الوجه نفسه وجميع القدم.
          وقال غيره: أراد صفح العنق ناحيته، وفيه: أن الاختيار والسنة للمرء أن يذبح أضحيته بيده، والعلماء على استحبابه فإن كان له عذر جاز أن يستنيب بغيره؛ فإن استناب مع القدرة أتى مكروهاً أجزأه.
          قال ابن التين: وفيما علق عن الشيخ أبي حفص فإن ترك أن يذبح من غير ضرورة لم يجزه وأعاد. قلت: هو غريب.
          قال أصحاب السبيعي: كان أصحاب رسول الله صلعم يذبحون ضحاياهم بأيديهم، قال مالك: وذلك من التواضع لله ولرسوله كان يفعله فإن أمره بذلك مسلماً أجزأه وبئس ما صنع وكذلك الهدي.
          وترجم له أيضاً باب وضع القدم على صفحة الذبيحة، ومعنى ذلك والله أعلم ليقوى على الإجهاز عليها ويكون أسرع لموتها لقوله ◙: ((إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) وليس ذلك من تعذيبها المنهي عنه إذ لا يقدر على ذبحها إلا بتفاقها.
          وقال ابن القاسم: الصواب أن يضجعها على شقها الأيسر وعلى ذلك مضى عمل المسلمين فإن جهل فأضجعها على الشق الآخر لم يحرم أكلها.
          وترجم عليه أيضاً باب التكبير عند الذبح، قال المهلب: وهو مما أمر الله به لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة:185] وهذا على الندب والاستنان، ومعناه: إحضار النية لله لا لشيء من العبادات التي كانت الجاهلية تذبح لها، وكان الحسن البصري يقول عند ذبح أضحيته: بسم الله والله أكبر، هذا منك ولك، اللهم تقبل من فلان. وكره أبو حنيفة أن يذكر مع اسم الله غيره بأن يقول: اللهم تقبل من فلان عند الذبح، ولا بأس بذلك قبل التسمية وقبل الذبح.
          قال ابن القاسم: وإن سمى الله أجزأه وإن شاء قال: اللهم تقبل مني، وأنكر مالك قولهم: اللهم منك وإليك.
          وقال الشافعي: التسمية على الذبيحة باسم الله فإن زاد بعد ذلك شيئاً من ذكر الله أو صلى على محمد لم أكرهه، فإن قال: اللهم تقبل مني، فلا بأس.
          والأولى عندنا: أن المرأة توكل ولا تباشر الذبح بنفسها، ويجوز استنابة الذمي والمرأة والحائض. وفي ((المدونة)): إذا استناب ذمياً لم يجزه، وأجازه أشهب وقيل: رواه عن مالك.