مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما يشتهى من اللحم يوم النحر

          ░4▒ باب ما يشتهى من اللحم يوم النحر
          فيه حديث أنس ☺: قال النبي صلعم: ((يوم النحر)) الحديث.
          فيه فوائد:
          1- أن من استعجل شيئاً قبل وقته فعقوبته أن يمنع ذلك الشيء نبه عليه المهلب، وهذا أبو بردة استعجل الذبح قبل وقته فحرم أن يجزئ عنه مرة أخرى.
          ولولا أنه ذكر من جيرانه حاجة لما عذره الشارع وجوز له الأضحية بجذعة من المعز.
          2- أن من اشتهى اللحم يوم النحر لا حرج عليه ولا يتوجه إليه ما قال / عمر بن الخطاب حين لقي جابر بن عبد الله ومعه حمال لحم بدرهم فقال له: ما هذا فقال: يا أمير المؤمنين قدمنا إلى اللحم فقال له: أين تذهب هذه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف:20] لأن يوم النحر مخصوص بأكل اللحم والالتذاذ بالحلال لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}الآية [الحج:28].
          وأما في غير وقت النحر فأكله مباح إلا أن السلف كانوا يواظبون على أكله دائماً، وستأتي سيرتهم في أكلهم في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى وسلف في الأطعمة.
          3- ما كان عليه سلف هذه الأمة من مواساتهم لجيرانهم مما رزقهم الله تعالى وترك الاستئثار عليهم، ألا ترى حرص أبي بردة على تعجيل الذبح من أجل خلة جيرانه ولم يتعرض إن كان ذلك يجزئ أم لا.
          4- قول أنس: ((لا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا))، قد بين أن الرخصة لم تكن لأحد غيره في حديث البراء كما سلف.
          قوله: (فتوزعوها) أو قال: (فتجزعوها)، الظاهر أنه من الراوي. و (تجزعوها): أي: اقتسموها؛ لأنه من الجزع وهو القطع. وعبارة ابن التين هو مثل يوزعوها ويقسموها.
          قوله: (وعندي جذعة خير من شاتي لحم) يريد لسمنها وأنها من المعز.
          ونقل ابن التين الإجماع على أن الجذع من المعز لا يجزئ، قال: واختلف في سنه فالأكثر والأشهر سنة، وقيل: عشرة أشهر، وقيل ثمانية، وقيل ستة.
          قوله: (ثم انكفأ) هو مهموز معناه: رجع وانقلب مأخوذ من كفأت الإناء قلبته، هذا ما ذكره أهل اللغة.
          وقال الداودي: معناه عمد، وذكره ابن التين بهذا اللفظ ثم قال بعد قول أنس: كان النبي صلعم يضحي بكبشين، يدل على مواظبته على ذلك؛ لأن هذا اللفظ إنما يستعمل فيما يواظب عليه، ولفظة (كان) ليست هنا، وإنما هنا (فانكفأ إلى كبشين).
          وفيه: أن الأضحية بالغنم أفضل من الإبل والبقر؛ لأنه ◙ يفعل الأفضل فضحى بكبشين وأهدى مائة من الإبل؛ لأنها أفضل في الهدايا.
          وقال الشافعي وأبو حنيفة: الإبل والبقر أفضل من الغنم، وعلى الأول الغنم أفضل، فقال ابن القرطبي: الإبل بعده، وقال القاضي أبو محمد: البقر لأن المراعي طيب اللحم.