مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب سنة الأضحية

          ░1▒ باب سنة الأضحية
          وقال ابن عمر: هي سنة.
          ثم ساق حديث البراء السالف في العيد وحديث أنس قال: قال النبي صلعم: ((من ذبح قبل الصلاة)) أثر ابن عمر أسنده ابن حزم. ولا شك أن الأضحية من الأمور المهمة المطلوبة.
          واختلف في وجوبها على قولين:
          1- أنها لا تجب بل هي سنة يثاب فاعلها ومن تركها لا إثم عليه، وهو قول ابن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعلقمة والأسود والشافعي وأحمد وأبي يوسف وأبي ثور.
          قال ابن التين: وهو المعروف من مذهب مالك، وذكر عنه أبو حامد: الوجوب، قال ابن المنذر: وروينا أخباراً عن الأوائل تدل على أن ذلك ليس بفرض، وروينا ذلك عن أبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وسعد وبلال.
          وقال الثوري: لا بأس بتركها.
          وعن ابن عمر: من شاء ضحى ومن شاء لم يضح.
          وقد ذكر (خ) فيما عنه أنها سنة ومعروف.
          وقال النخعي: قال علقمة لأن لا أضحي أحب إلي من أن أراه حتماً علي.
          والقول 2- أنها واجبة وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وعن النخعي أنها واجبة على أهل الأمصار ما خلا الحاج، قال محمد: هي واجبة على كل مقيم في الأمصار إذا كان موسراً، قال أبو بكر: لا تجب فرضاً؛ لأن الله لم يوجبها ولا الرسول ولا أجمع أهل العلم على وجوبه.
          وعبارة ابن حزم عن أبي حنيفة أنها فرض وعلى المرء أن يضحي عن زوجته.
          قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أن الأضحية واجبة وصح أنها ليست بواجبة عن سعيد بن المسيب والشعبي وأنه قال لأن أتصدق بثلاثة دراهم أحب إلي من أن أضحي، واختلف في تفضيل الصدقة على الأضحية / فقال ربيعة وأبو الزناد والكوفيون: الضحية أفضل.
          وقال الشعبي: الصدقة أفضل وقد سلف، وهو قول مالك وأبي ثور، ذكره ابن المنذر، والمعروف من مذهب مالك عند أصحابه كما قال ابن بطال: إنها أفضل من الصدقة.
          وقال ربيعة: هي أفضل من صدقة بسبعين ديناراً.
          قال غيره: ولم يحفظ عن رسول الله أنه ترك الأضحى طول عمره، وندب أمته إليها فلا ينبغي لموسر تركها.
          قوله: ((إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا نصلي ثم نرجع فننحر)).
          قال الداودي: الأحاديث كلها من ذبح قبل أن يصلي لم يجزئه ولم يعتبر بالأيام، وكأنه لم يبلغه حديث جابر: صلى بنا النبي صلعم يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلعم قد نحر، فأمر رسول الله صلعم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر رسول الله، أخرجه (م).
          ومذهب أبي حنيفة: أن من ذبح بعد الصلاة قبل الإمام أجزأه.
          وعندنا لا يتوقف على ذبحه، بل إذا مضى مقدار خطبتين وركعتين خفيفات من طلوع الشمس دخل وقته.
          قوله: (ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء) ظاهره أنه غير نسك وأنه يجوز بيعه، وفي لفظ: ((من نسك قبل الصلاة فلا نسك له)) واستدل به القابسي على أن من ذبح قبلها لا تباع؛ لأنه سماه نسكاً.
          قوله: (إن عندي جذعة) يريد من المعز كما بينه بعد.
          قوله: (ولن تجزئ عن أحد بعدك) هو بفتح التاء أي: تقضي.
          قال الخطابي: يقال: جزى وأجزى مثل وفى وأوفى، وأجزأ يجزئ مهموزاً وأكفأه الشيء وقام فيه مقامه، وليس هو هنا مهموزاً إلا أن المهموز لا يستعمل معه عند العرب، إنما يقولون: هذا يجزئ من هذا.
          وفي ((الصحاح)) جزى بمعنى قضى، وشرط إجزاء الإبل عندنا أن يطعن في السنة السادسة، والبقر والماعز في الثالثة، والغنم في الثانية أو تجذع قبلها.
          قال الأزهري: وابن الأعرابي فرق بين المعزي والضأن في الإجذاع فجعل الضأن أسرع إجذاعاً.
          ثم حكى عن ابن الأعرابي أيضاً أنه قال: الإجذاع وقت وليس بسن. وذكر أبو حاتم عن الأصمعي: الجذع من الضأن لثمانية أشهر أو تسع.
          وفي ((الموعب)) عن أبي زيد: الإجذاع زمن وليس بسن يسقط ولا ينبت، وفي ((العين)): الجمع الجذاع، وجذعان. وفي ((المحكم)): الجذع الصغير السن. وفي ((المغيث)): الجذع ما تمت له ستة أشهر ودخل في السابع.
          وقال أبو حاتم عن الأصمعي: الجذع من المعز لستة أشهر، ومن الضأن لثمانية أو تسعة.
          قال أبو عمر: لا خلاف علمته بين العلماء أن الجذع من المعز لا يجزئ ضحية ولا هدياً، والذي يجزئ فيها الجذع من الضأن فما فوقه، والثني من المعز فما فوقه من الأزواج والجذع من الضأن ابن سبعة أشهر، قيل: إذا دخل فيها، وقيل: إذا أكملها.