نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ما يكره من السمر بعد العشاء

          ░39▒ (باب مَا يُكْرَهُ مِنَ السَّمَرِ) بفتح الميم. قال القاضي عياض: هكذا رويناه، وقال مروان بن سراج: الصَّواب: سكونها، وهو الحديث باللَّيل، وأصله: لون ضوء القمر؛ لأنهم كانوا يتحدَّثون فيه.
          (بَعْدَ) صلاة (الْعِشَاءِ) والمراد من السَّمر في الترجمة: ما يكون في أمر مباح، وأمَّا المحرَّم: فلا اختصاصَ بكراهته بما بعد العشاء، بل هو حرامٌ في الأوقات كلِّها.
          وقع في رواية أبي ذرٍّ هنا: <السَّامر من السَّمر، والجمع: السُّمار، والسَّامر هاهنا في موضع الجمع>. استُشكل ذكر هذا في هذا الموضع؛ لأنه لم يتقدَّم للسامر ذكر في التَّرجمة حتى يبيِّنه، لكنَّه لما ذكر لفظ السَّمر الذي هو إمَّا اسم أو مصدرٌ، كما تقدَّم الإشارة إليه، أراد أن يُشير إلى أنَّ لفظ السَّامر في قوله تعالى: {سَامِراً تَهْجُرُونَ} [المؤمنون:67] مشتقٌّ من السَّمر، ثمَّ إلى أنَّ لفظ السَّامر تارة يكون مفرداً، ويكون جمعه: سُمَّاراً _بضم السين المهملة وتشديد الميم_ كطالب، وطلَّاب، وكاتب، وكتَّاب. وتارة يكون جمعاً حيث قال: والسَّامر هاهنا؛ أي: في الآية في موضع الجمع، كالباقر والجامل للبقر والجمال.
          وقد أكثر البخاري ☼ من هذه الطَّريقة إذا وقع في الحديث لفظة توافق لفظة في القرآن، فيستغنى بتفسير تلك اللَّفظة من القرآن، وقد استُقرِئ للبُخاري أنَّه إذا مرَّ له لفظ من القرآن يتكلَّم على غريبه، والله أعلم.