نجاح القاري لصحيح البخاري

باب وقت الظهر عند الزوال

          ░11▒ (بابٌ) بالتَّنوين، ويجوز بالإضافة إلى قوله: (وَقْتُ الظُّهْرِ) أي: ابتداؤه (عِنْدَ الزَّوَالِ) أي: زوال الشَّمس عن كَبدِ السَّماء وميلها إلى جهةِ المَغْرب.
          قال الحافظ العسقلانيُّ: وأشار بهذه التَّرجمة إلى الرَّدِّ على مَنْ زعم مِنَ الكُوفيِّين أنَّ الصَّلاة لا تَجِبُ بأوَّلِ الوقتِ كما سيأتي.
          ونقلَ ابن بطَّالٍ أنَّ الفقهاء بأسرهم على خلاف ما نُقِلَ عن الكرخيِّ، عن أبي حنيفة: / أنَّ الصَّلاة في أوَّل الوقت تقعُ نفلاً. انتهى.
          والمعروف عندَ الحنفيةِ تَضعيف هذا القول، ونقلَ بعضهم أنَّ أول الظُّهر إذا صار الفيء حِذوَ الشِّراك.
          (وَقَالَ جَابِرٌ) هو: ابن عبد الله الأنصاريُّ ☺: (كَانَ النَّبِيُّ صلعم يُصَلِّي) أي: الظُّهر (بِالْهَاجِرَةِ) وهي وقت اشتداد الحرِّ في نصف النَّهار، وقِيْل: سُمِّيت بذلك من الهجر وهو التَّرك؛ لأن النَّاسَ يتركونَ التَّصرُّفَ حينئذٍ لشدَّة الحرِّ ويَقيلُونَ.
          وهذا التَّعليق طرفٌ من حديث جابر، ذكره المؤلِّف ☼ موصولاً في بابِ وقتِ المَغرب، رواه عن محمَّد بن بشَّار، وفيه: فسألْنا جابر بن عبد الله فقال: كان النَّبي صلعم يُصَلي الظُّهر بالهَاجِرَةِ [خ¦560].
          ولا يعارض هذا حديثَ الإبراد؛ لأنَّه ثبت بالفعل، وحديث الإبراد بالفعل والقول فيرجَّح على ذلك، وقِيْل: إنَّه مَنْسوخٌ بحديثِ الإبراد؛ لأنَّه مُتَأخرٌ عنه.
          وقال البيضَاويُّ: الإبراد تأخيرُ الظُّهر أدنى تأخيرٍ بحيث يقع الظِّل، ولا يخرجُ بذلك عن حدِّ التَّهجير، فإن الهاجرة تُطلَقُ على الوقت إلى أن يَقربَ العصرُ.
          وقالَ محمود العينيُّ: لا يحصلُ الإبراد بأدنى التَّأخير، ولم يَقُل أحدٌ: إنَّ الهاجرة تمتدُّ إلى قرب العصر، وقِيْلَ: التَّعجيل هو الأصل والإبراد رُخصةٌ عند خوف المشقَّة، فعند عدمِ لحوقها التَّعجيلُ أولى.