نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه

          3136- (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ) قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) قال: (حَدَّثَنَا بُرَيْدُ) بضم الموحدة مصغراً (ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، يكنى بأبي بردة الكوفي يروي (عَنْ) جدِّه (أَبِي بُرْدَةَ) عامر، وقيل: الحارث، وهو يروي (عَنْ) أبيه (أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيسٍ الأشعري ☺، أنهَّ (قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صلعم ) لفظ مخرج مصدر ميمي، بمعنى: الخروج مرفوع فاعل بلغنا، وهو بفتح الغين (وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ) جملة وقعت حالاً.
          (فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ) نصب على الحال (إِلَيْهِ، أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ) بضم الموحدة، واسمه: عامر بن قيس الأشعري، وقال أبو عمر: حديثه عن النَّبي صلعم : ((اللهمَّ اجعل فناء أمَّتي بالطَّعن والطَّاعون)).
          (وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ) بضم الراء، هو: ابنُ قيس الأشعري، وقال أبو عمر: كانوا أربعة إخوةٍ: أبو موسى وأبو بردة وأبو رُهْم ومَجْدِي، بفتح الميم وسكون الجيم وكسر الدال المهملة وبالتحتانية المشددة أو المخففة، وقيل: مجدي، اسم أبو رُهْم، وهم بنو قيس بن سليم بن حَضَّار بن حرب بن غنم بن عدي بن وائل بن ناجية بن جماهر بن الأشعر بن أدد بن زيد.
          (إِمَّا قَالَ: فِي بِضْعٍ، وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ، وَوَافَقْنَا) / أي: صادفنا (جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم بَعَثَنَا هَاهُنَا، وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنَا فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعاً، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صلعم حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئاً، إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلاَّ أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ).
          ومطابقته للتَّرجمة في قوله: ((فأسهم لنا...إلى آخره)).
          قال ابن المنيِّر: أحاديث الباب مطابقة لما ترجم به إلَّا هذا الأخير، فإنَّ ظاهره أنَّه صلعم قسم لهم من أصل الغنيمة لا من الخُمس، إذ لو كان من الخمس لم يكن لهم بذلك خصوصيَّة، والحديث ناطقٌ بها.
          قال: لكن وجه المطابقة أنَّه إذا جاز للإمام أن يجتهدَ وينفذ اجتهاده في الأخماس الأربعة المختصَّة بالغانمين، فيقسم منها لمن لم يشهد الوقعة فلأن ينفذ اجتهاده في الخُمس الذي لا يستحقه معيَّن، وإن استحقَّه صنفٌ مخصوصٌ، أولى، وقال ابن التِّين: يحتمل أن يكون أعطاهم برضا بقية الجيش. انتهى. وهذا جزم به موسى بن عقبة في «مغازيه»، ويحتمل أن يكون إنَّما أعطاهم من الخمس، وبهذا حزم أبو عبيد في كتاب «الأموال» وهو الموافق لترجمة البخاري.
          وقال الكِرماني: ميل البخاري إلى الأخير بدليل التَّرجمة، وبدليل أنَّه لم ينقل أنَّه استأذن المقاتلين، وأمَّا قول ابن المنيِّر: لو كان من الخمس لم يكن هناك تخصيصٌ، فظاهر، لكن يحتمل أن يكون من الخمس، وخصَّهم بذلك دون غيرهم ممَّن كان شأنه أن يُعْطَى من الخُمس، والله أعلم.
          ويحتمل أن يكون أعطاهم من جميع الغنيمة؛ لكونهم وصلوا قبل قسمة الغنيمة وبعد حوزها، وهو أحد القولين للشَّافعي.
          قال الحافظ العسقلانيُّ: وهذا الاحتمال يترجَّح بقوله: أسهم له؛ لأنَّ الذي يُعْطَى من الخُمس لا يقال في حقِّه: أسهم إلَّا تجوزاً، ولأنَّ سياق الكلام يقتضي الافتخار، فيستدعي / الاختصاص بما لم يقع لغيرهم كما تقدَّم، والله أعلم.
          والحديث أخرجه البخاري مُقَطَّعاً في الخُمس [خ¦3136]، وفي هجرة الحبشة [خ¦3876]، وفي المغازي [خ¦4230]، وأخرجه مسلم في الفضائل.