نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أن رسول الله كان ينفل بعض من يبعث من السرايا

          3135- (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ) قال: (أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ) هو: ابن سعدٍ (عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ) وأخرج الحديث مسلم، وزاد في آخره: ((والخمس واجبٌ في ذلك كلِّه))، وفيه دليلٌ على أنَّ لا نفل إلَّا بعد الخمس. ويؤيِّده: ما رواه الطَّحاوي من حديث معن بن يزيد السَّلمي قال: سمعت رسول الله صلعم يقول: ((لا نفل إلَّا بعد الخُمس)).
          قال الطَّحاوي: معناه: حتَّى يقسم الخُمس، فإذا قسم الخُمس انفرد حق المقاتلة، وهو أربعة أخماسٍ، فكان ذلك النفل الذي ينفله الإمام من بعد أن آثر أن يفعلَ ذلك من الخمس، لا من أربعة الأخماس التي هي للمقاتلة.
          قال الحافظ العسقلاني: وليس فيه حجَّة؛ لأنَّ النفل من الخمس ولا من غيره، بل هو محتملٌ لكلٍّ من الأقوال. /
          نعم فيه دليلٌ على أنَّه يجوز تخصيص بعض السَّرية بالتَّنفيل دون بعض، قال ابنُ دقيق العيد: للحديث تعلّقٌ بمسائل الإخلاص في الأعمال، وهو موضع دقيق المأخذ، ووجه تعلقه به أنَّ التَّنفيل يقع للتَّرغيب في زيادة العمل، والمخاطرة في الجهاد، ولكن لم يضرهم ذلك قطعاً؛ لكونه صدر لهم من النَّبي صلعم ، فيدلُّ على أنَّ بعض المقاصد الخارجة عن محض التَّعبد لا يقدح في الإخلاص، لكنَّ ضبطَ قانونها وتمييزَها ممَّا تضرُّ مداخلته مشْكِلٌ جدًّا.
          ومطابقته للتَّرجمة ظاهرةٌ.