نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي: أحلت لكم الغنائم

          ░8▒ (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : أُحِلَّتْ لَكُمُ الْغَنَائِمُ) كذا في رواية الجميع، ووقع عند ابن التِّين: أُحِلَّتْ لي، وهذا طرفٌ من حديث جابر الماضي في التَّيمم [خ¦335].
          (وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح:20]) وهي ما يفيء على المؤمنين إلى يوم القيامة / ({فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ}) يعني: مغانم خيبر، فإنَّ هذه الآية نزلت في أهل الحديبية بالاتفاق، ولمَّا انصرفوا من الحديبية، فتحوا خيبر، كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
          {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} يعني: أيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد وغطفان حين جاءوا لنصرتهم فقذف الله في قلوبهم الرُّعب فانصرفوا، وقيل: أيدي أهل مكَّة بالصلح.
          {وَلَتَكُونَ} هذه الكفَّة أو الغنيمة {آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أَمارةً وعِبرةً يعرفون بها أنَّهم من الله بمكانٍ، وأنَّه ضامنٌ لنصرهم والفتح عليهم، وقيل: رأى رسول الله صلعم فتح مكَّة في منامه ورؤيا الأنبياء وحيٌ، فتأخر ذلك إلى السَّنة القابلة، فجعل فتح خيبر علامةً وعنواناً لفتح مكَّة، والعطف على محذوف هو علَّة لكف أو عجل مثل لتسلموا، أو علة لمحذوف مثل فعل ذلك: {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} [الفتح:20] ويزيدكم بصيرة ويقيناً وثقة بفضل الله تعالى.
          (وَهْيَ لِلْعَامَّةِ) أي: الغنيمة لعامَّة المسلمين (حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ) أي: حتَّى يبيِّن الرَّسول صلعم مَنْ يستحقُّ ذلك ممَّن لا يستحقُّ، وقد وقع بيان ذلك بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال:41] الآية.