نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه

          2622- (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ) العيشي _بالمثناة التحتية وبالشين المعجمة_ البصري، يكنى: أبا بكر، وليس هذا بأخي عبد الله بن المبارك المروزي، وفي بعض النُّسخ: <وحدَّثني عبد الرَّحمن> بصيغة الإفراد وواو العطف، قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ) قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّختياني (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ) ورجال الإسناد كلُّهم بصريُّون؛ إلَّا ابن عبَّاس وعكرمة فإنَّهما سكنا فيها مدَّة.
          (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ) يعني: لا ينبغي لنا، يريد نفسه والمؤمنين أن يتَّصف بصفةٍ ذميمةٍ دنيةٍ، فيشابه فيها أخسَّ الحيوانات في أخسِّ الأحوال، وقد يُطلق المثل في الصِّفة العجيبة الغريبة الشَّأن سواءٌ كان صفة مدحٍ أو ذمٍّ، قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل:60].
          قال الحافظ العسقلانيُّ: ولعلَّ هذا أبلغ في الزَّجر عن ذلك وأدل على التَّحريم ممَّا لو قال مثلًا: لا تعودوا في الهبة. وقال العينيُّ: هذا المثل على التَّنزيه وكراهة الرُّجوع لا على التَّحريم.
          (الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ) أي: العائد في هبته إلى الموهوب، وهو كقوله تعالى: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف:88] (كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ) هذا التَّمثيل وقع في طريق سعيد بن المسيَّب أيضًا عند مسلم، أخرجه من رواية أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عنه بلفظ: ((مثل الذي يرجعُ في صدقته كمثل الكلبِ يقيءُ، ثمَّ يرجعُ في قيئهِ فيأكله)) وله في رواية بكير: ((إنَّما مثل الذي يتصدَّق بصدقةٍ، ثمَّ يعودُ في صدقته كمثلِ الكلبِ يقيءُ ثمَّ يأكل قيئه)).