نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة والمقسومة وغير المقسومة

          ░23▒ (باب الْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ، وَالْمَقْسُومَةِ وَغَيْرِ الْمَقْسُومَةِ) ومراده من الترجمة هو قوله: وغير المقسومة، فإن حكم المقبوضة / قد تقدَّم، وغير المقبوضة قد علم منه، وحكم المقسومة ظاهرٌ، فلم يبق إلَّا بيان غير المقسومة، والجمهور: على صحَّة هبة المشاع للشريك ولغيره سواء انقسم أو لا، وعند أبي حنيفة ☼ : لا يصحُّ هبة جزء ممَّا ينقسم مشاعًا، لا من الشريك ولا من غيره.
          (وَقَدْ وَهَبَ النَّبِيُّ صلعم وَأَصْحَابُهُ لِهَوَازِنَ مَا غَنِمُوا مِنْهُمْ وَهْوَ غَيْرُ مَقْسُومٍ) ذكر هذا البيان قوله في الترجمة: وغير المقسومة، وغرضه من هذا إقامة الدَّليل على صحة هبة المشاع، ولكن لا يتم به الاستدلال؛ لأنَّ المذكور فيه لا يطلق عليه الهبة الشرعيَّة؛ لأنَّ القبض شرطٌ فيها.
          وذكر عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» وقال: أخبرنا سفيان الثوريُّ عن منصور، عن إبراهيم قال: لا تجوز الهبة حتَّى تقبض، انتهى.
          وقوله: غير مقسومٍ، يلزم منه أن يكون غير مقبوض أيضًا؛ لأنَّ قبض الجزء الشَّائع بقبض الجميع، ولم يكن للجميع قبض الجميع، فإذا لم يكن مقبوضًا كيف يطلق عليه الهبة الشَّرعية، وهذا المعلَّق يأتي في الباب الذي يليه بأتمَّ منه موصولًا، ثم قوله: لهوازن، ويروى: <إلى هوازن> قبيلةٌ معروفة.
          قال الرشاطيُّ: هوازن في قيس غيلان، وفي خزاعة، ففي قيس غيلان: هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس غيلان، وفي خزاعة: هوازن بن أسلم بن أقصى، وهوازن هذا بطن.
          وقال ابن دريد: هوازن ضربٌ من الطير، وقال ابنُ عبد الوارث: هوزن واحدُ ذلك، وهو فوعل.
          وقال أبو محمد: في هوازن بطون كثيرة وأفخاذ، وقلَّ من ينسب هذه النِّسبة.