نجاح القاري لصحيح البخاري

باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

          ░13▒ (باب مَا يُنْهَى) عنه (مِنَ الطِّيبِ) أي: من استعماله (لِلْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ) يعني: أنَّهما في ذلك سواء، ولم تختلف الأئمَّة في ذلك، وإنَّما اختلفوا في أشياء هل تعدُّ طيباً أو لا.
          والحكمة في المنع من الطِّيب: أنَّه من دواعي الجماع ومقدِّماته التي تفسد الإحرام، وأنَّه ينافي حال المحرم، فإنَّ المحرم / أشعث أغبر، ففي حديث ابن عمر ☻ أخرجه البزَّار: ((الحاج الشَّعث التَّفل)).
          والتَّفِل _بفتح المثناة الفوقية وكسر الفاء_: هو الَّذي ترك استعمال الطِّيب، من التَّفل، وهي الرَّائحة الكريهة.
          (وَقَالَتْ عَائِشَةُ ♦: لاَ تَلْبَسُ) المرأة (الْمُحْرِمَةُ ثَوْباً) مصبوغاً (بِوَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ) الوَرْس _بفتح الواو وسكون الراء وآخره سين مهملة_: نبتٌ أصفر يصبغ به الثِّياب يكون في بلاد اليمن، قاله جماعة. وجزم بذلك ابن العربي وغيره.
          وقال ابن البيطار في «مفرداته»: الورس يأتي من اليمن والهند والصِّين، وليس بنبات، بل يشبه زهر العصفر، ونبتُه شيءٌ يشبه البنفسج، ويقال: إنَّ الكركم عروقه، والله أعلم. ومنه الثياب المورسة؛ أي: المصبوغة به.
          ومطابقة هذا الأثر للتَّرجمة من حيث إنَّ الثَّوب المصبوغ بالورس أو الزَّعفران يفوح له رائحةٌ مثل ما تفوح رائحة الطِّيب.
          ثمَّ هذا التَّعليق وصله البيهقيُّ فقال: حدَّثنا أبو عبد الله الحافظ عمر بن مطر: حدَّثنا يحيى بن محمَّد، عن عبيد الله بن معاذ: حدَّثنا أبي: حدَّثنا حبيب، عن يزيد الرِّشك، عن معاذة، عن عائشة ♦ قالت: المحرمة تلبس من الثِّياب ما شاءت إلَّا ثوباً مسَّه ورس أو زعفران، ولا تَتَبْرقع، ولا تَلَثَّم، وتسدل الثَّوب على وجهها إن شاءت، وقد مرَّ الكلام فيه مستوفىً في باب ما يلبس المحرم من الثِّياب [خ¦25/23-2439].