نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: لا يحل القتال بمكة

          ░10▒ (بابٌ) بالتَّنوين: (لاَ يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ) أي: فيها، هكذا ترجم بلفظ: القتال وهو الواقع في حديث الباب، وكذا وقع عند مسلم في رواية، وفي أخرى عنده بلفظ: القتل، والفرق بين القتل والقتال ظاهر.
          أمَّا القتل فنقل بعضهم الاتِّفاق على جواز إقامة حدِّ القتل فيها على من أوقعه فيها، / وخصَّ الخلاف بمن قتل في الحلِّ، ثمَّ لجأ إلى الحرم، وممَّن نقل على ذلك الإجماع ابن الجوزي، وسيجيء التَّفصيل [خ¦1834] في ذلك إن شاء الله تعالى، كما مرَّ الإجمال فيه [خ¦1832].
          وأمَّا القتال فقال الماورديُّ: من خصائص مكَّة أن لا يحارب أهلها، فلو بغوا على أهل العدل، فإن أمكن ردُّهم بغير قتالٍ لم يجز، وإن لم يمكن إلا بالقتال، فقال الجمهور: يقاتلون؛ لأنَّ قتال البغاة من حقوق الله تعالى فلا يجوز إضاعتها، وقال آخرون: لا يجوز قتالهم، بل يضيَّق عليهم إلى أن يرجعوا إلى الطَّاعة، وسيجيء الكلام فيه أيضاً إن شاء الله تعالى [خ¦1834].
          (وَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ) هو الصَّحابيُّ المذكور في الباب الَّذي قبل الباب السَّابق [خ¦1832] (☺، عَنِ النَّبِيِّ صلعم : لاَ يَسْفِكُ بِهَا) أي: في مكَّة (دَماً) وقد مضى هذا التَّعليق موصولاً فيما قبل الباب السَّابق [خ¦1832]، ووجه الاستدلال به لتحريم القتال من جهة أنَّ القتال يفضي إلى القتل، وقد ورد تحريم سفك الدَّم بها بلفظ النَّكرة في سياق النَّفي فيعم.