نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الحجامة للمحرم

          ░11▒ (بابُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ) هل يمتنع منها أو يباح له مطلقاً أو للضَّرورة؟ والمراد في ذلك كله المحجوم لا الحاجم بدَلالة الحديث (وَكَوَى ابْنُ عُمَرَ) ☻ (ابْنَهُ) وهو واقد، بالقاف (وَهُوَ مُحْرِمٌ) ومطابقة هذا الأثر للتَّرجمة من حيث إنَّ كلًّا من الحجامة والكيِّ / يستعمل للتَّداوي عند الضَّرورة.
          وقد وصل هذا التَّعليق سعيدُ بن منصور من طريق مجاهد قال: أصاب واقد ابن عبد الله بن عمر برسامٌ في الطَّريق وهو متوجِّه إلى مكَّة، فكواه ابن عمر ☻ .
          (وَيَتَدَاوَى) أي: المحرم (مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أي: في الَّذي يتداوى به (طِيبٌ) وفي بعض النسخ: <بما لم يكن فيه طيبٌ> بزيادة الباء.
          قال الحافظ العسقلانيُّ: هذا من تتمَّة التَّرجمة، وليس في أثر ابن عمر ☻ كما ترى، وأمَّا قول الكرماني: ((يتداوى)) فاعلُه إمَّا المحرم وإما ابن عمر، فكلام من لم يقف على أثر ابن عمر ☻ . انتهى.
          وقال العينيُّ: أمَّا قول هذا القائل: هذا من تتمَّة التَّرجمة فليس بشيء؛ لأنَّ أثر ابن عمر رصي الله عنهما فاصل يَمْنَع أن يكون هذا من التَّرجمة، وأمَّا قول الكرماني: وإمَّا ابن عمر فكذلك ليس بشيءٍ.
          ووقع أيضاً هذا بعد أثرِ ابن عمر ☻ في غير محلِّه، ومع هذا أشار به إلى جواز التَّداوي للمحرم بما ليس فيه طيب. وقد ذكر البخاريُّ في أوائل الحجِّ، في باب الطيب عند الإحرام: وقال ابن عبَّاس ☻ : يشمُّ المحرم الرَّيحان، وينظر في المرأة، ويتداوى بما يأكل الزَّيت والسَّمن [خ¦25/18-2428].
          وروى الطَّبراني من طريق الحسن قال: إن أصاب المحرم شجَّة، فلا بأس بأن يأخذَ ما حولها من الشَّعر ثم يداويها بما ليس فيه طيب.