الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: من أهدي له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق

          ░25▒ (باب: مَنْ أُهْديَ لهُ هَدِيَّة وعِنْدَه جُلَسَاؤُه فهو أحقُّ بها...) إلى آخره
          قوله: (ويُذكر عن ابن عبَّاسٍ...) إلى آخره بيَّن المصنِّف بذلك ما هو الغرض مِنَ التَّرجمة.
          قالَ العَينيُّ: لمَّا كان وضع التَّرجمة يخالف ما رُوي عن ابن عبَّاسٍ أشار إليه بصيغة التَّمريض، ولم يكتفِ بذلك حتَّى أكَّده بقوله: (ولم يصحَّ) أي: ولم يصحَّ هذا عن ابن عبَّاسٍ، ويحتمل أن يكون المعنى: ولم يصحَّ في هذا الباب شيء. انتهى.
          وبسط الحافظان ابنُ حَجَرٍ والعَينيُّ في تخريجه ورفعِه ووقفِه وشواهدِه.
          قال الحافظ: هذا الحديث جاء عن ابن عبَّاسٍ مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصلح إسنادًا مِنَ المرفوع، قالَ ابن بطَّالٍ: لو صحَّ حديث ابن عبَّاسٍ لحُمل على النَّدب فيما خفَّ مِنَ الهدايا، وما جرت العادة بترك المُشَاحَّة فيه، ثمَّ ذكر حكاية أبي يوسف المشهورة، وفيما قاله نظرٌ لأنَّه لو صحَّ لكانت العبرة بعموم اللَّفظ، فلا يخصُّ القليلَ مِنَ الكثير إلَّا بدليل، وأمَّا حمله على النَّدب فواضح. انتهى.
          وذكر العينيُّ حكاية أبي يوسف القاضي أنَّ الرَّشيد أهدى إليه مالًا كثيرًا وهو جالس مع أصحابه، فقيل له هذا الحديث، فقال أبو يوسف: إنَّه لم يَرِد في مثله، وإنَّما ورد فيما خفَّ مِنَ الهدايا مِنَ المأكل والمشرب، ويُروى مِنْ غير هذا الوجه أنَّه كان جالسًا وعنده أحمد بن حنبل ويحيى بن مَعين، فحضر مِنْ عند الرَّشيد طبقٌ وعليه أنواع مِنَ التُّحف المثمَّنة، فروي(1) أحمد أو يحيى هذا الحديث، فقال أبو يوسف: ذلك في التَّمر والعجوة يا خازنُ ارفعْه. انتهى.
          وكتب الشَّيخ التَّهانَويُّ في «التَّشرُّف»: قلت: معنى الحديث إذا كان قصد المُهْدي تشريكَ القوم في الهدية كما هو الغالب فيما يُؤكل ويُشرب، ومع ذلك فقد وضعها بين يدي شيخ المجلس أدبًا ويُعلم ذلك بالقرائن، أمَّا لو كان قصده الإهداء إلى معيَّن كما هو الغالب في نحو الثِّياب والنَّقد فلا وجه لشركة غيره معه، فإنَّ الملك مِنْ أحكام التَّمليك فإذا كان التَّمليك خاصًّا كان الملكُ خاصًّا فافهم، نعم لو فرَّقها على أهل المجلس جميعًا كان أقربَ إلى المروءة وآداب الصُّحبة كما هو المعتاد وللقوم(2) في أكثر الأحوال إلَّا لمقتضٍ قويٍّ. انتهى. البسط(3) في «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((فروى)).
[2] في (المطبوع): ((للقوم)).
[3] في (المطبوع): ((والبسط)).