الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الهبة المقبوضة وغير المقبوضة والمقسومة وغير المقسومة

          ░23▒ (باب: الهِبَة المَقْبُوضَةِ وغَيْر المَقْبُوضَةِ...)
          قال الحافظ: أمَّا المقبوضة فتقدَّم حُكمها، وأمَّا غير المقبوضة فالمرادُ القبضُ الحقيقيُّ، وأمَّا التَّقديريُّ فلا بدَّ منه، لأنَّ الَّذِي ذكره مِنْ هبة الغانمين لوفد هوازن ما غَنِموه قبل أن يُقْسَم فِيْهم ويَقْبِضُوه، فلا حجَّة فيه على صحَّة الهبة بغير قبض، لأنَّ قبضهم إيَّاه وقع تقديريًّا باعتبار حيازتهم له على الشُّيُوع، نعم قال بعض العلماء: يُشترط في الهبة وقوعُ القبض الحقيقيِّ، ولا يكفي القبضُ التَّقديريُّ بخلاف البيع، وهو وجه للشَّافعيَّة، وأمَّا الهبة المقسومة فحكمُها واضح، وأمَّا غير المقسومة فهو المقصود بهذه التَّرجمة، وهي مسألة هبة المشاع، والجمهور على صحَّة هبة المشاع للشَّريك وغيره سواء انقسم أو لا، وعن أبي حنيفة: لا يصحُّ هبة جزء ممَّا ينقسم مُشاعًا لا مِنَ الشَّريك ولا مِنْ غيره.
          قوله: (وقد وهَبَ النَّبيُّ صلعم...) إلى آخره سيأتي موصولًا في الباب الَّذِي عليه(1) بأتمَّ مِنْ هذا.
          وقوله: (هو غَير مَقْسُوم) مِن تَفَقُّه المصنِّف. انتهى.
          وقد تقدَّم في (باب: مَنْ رأى الهبة الغائبة جائزةً) شيءٌ مِنَ الكلام على أنَّ ردَّ سَبْيِ هَوَازِن كان قبل القِسمة أو بعدها، فارجع إليه لو شئت.
          وكتب الشَّيخ قُدِّس سِرُّه في «اللَّامع»: وأنت تعلم أنَّ سبي هوازن لم يكونوا ممَّا يقبل القسمة ولا كلام فيه، فإنَّ تقسيم رَجلٍ رَجلٍ منهم حتَّى يصير بعضُه لأخيه وبعضُه الآخر لأبيه وهكذا؛ ممَّا يتعذَّر، وهذا إذا سُلِّم أنَّه كان هبة لهم، والَّذي يقتضيه النَّظر أنَّه لم تكن هبةً لهم بل كان قَبُول شفاعتهم في رفع الأسر عن المستعبدين وإطلاقهم. انتهى.
          وفي «الفيض»: قوله: (باب: الهبة المقبوضة...) إلى آخره وسَّعَ بالقبض أيضًا، كما كان وسَّعَ بالشُّيُوع وعدمه، وتمسَّك له بقصَّة سبي هوازن، وسنبيِّن إن شاء الله تعالى أنَّه كان إعتاقا لا هبة، كما فهمه المصنِّف، فينهدم أساس التَّفريعات كلِّها مِنْ جواز المشاع وعدم اشتراط القبض. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((يليه)).