الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أهدى إلى صاحبه وتحرى بعض نسائه دون بعض

          ░8▒ (باب: مَنْ أهْدَى إلى صَاحِبِه وتحرَّى بعضَ نِسَائه...)
          يقال: تحرَّى الشَّيء إذا قَصَده دون غيره، قاله الحافظ.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: يعني بذلك أنَّ فِعل هؤلاء لا يضرُّ بالعدل الواجب على الزَّوج لأنَّهم لم يُؤْمَروا بذلك ولو رضي الزَّوج بفعلهم ذلك وصنيعهم هذا كان غيرَ مؤاخذ عليه أيضًا لأنَّهما فعلان قلبيَّان، وقد قال النَّبيُّ صلعم: ((اللَّهمَّ هذَا قَسْمِي فِيما أَمْلِكُ فَلاَ تؤاخذني فِيما تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ)). انتهى.
          وفي «هامشه»: قالَ الكَرْمانيُّ في الحديث: إنَّه ليس على الرَّجل حرجٌ في إيثار بعض نسائه بالتُّحف مِنَ المآكل، وإنَّما يلزمه العدل في المبيت وإقامة النَّفقة والكسوة. انتهى.
          قال الحافظ: وتعقَّبه ابنُ المنيِّر بأنَّ النَّبيَّ صلعم لم يفعل ذلك، وإنَّما فعله الَّذين أهدَوا له وهم باختيارهم في ذلك، وإنَّما لم يمنعهم النَّبيُّ صلعم لأنَّه ليس مِنْ كمال الأخلاق أن يتعرَّض الرَّجل إلى النَّاس بمثل ذلك لِما فيه مِنَ التَّعرُّض بطلب الهديَّة، مع أنَّ الَّذِي يظهر أنَّه صلعم كان يشركهنَّ في ذلك، وإنَّما وقعت المنافسة لكون العطيَّة تصل إليهنَّ مِنْ بيت عائشة، وفيه قَصْدُ النَّاس بالهدايا أوقات المسرَّة ومَواضِعَها ليزيد ذلك في سُرُور المُهْدَى إليه. انتهى.