الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب؟

          ░15▒ (باب: هل يؤاجِرُ الرَّجل نَفْسَه مِنْ مشرك...) إلى آخره
          أورد فيه حديث خبَّاب_ وهو إذ ذاك مسلم_ في عمله للعاص بن وائل، وهو مشرك، وكان ذلك بمكَّة، وهي إذ ذاك دار حرب، واطَّلع النَّبيُّ صلعم على ذلك وأقرَّه، ولم يجزم المصنِّف بالحكم لاحتمال أن يكون الجواز مقيَّدًا بالضَّرورة، أو أنَّ جواز ذلك كان قبل الإذن في قتال المشركين ومنابذتهم، وقبل الأمر بعدم إذلال المسلم نفسه، وقالَ المهلَّبُ: كره أهل العِلم ذلك إلَّا لضرروة بشرطين:
          أحدهما: أن يكون عمله فيما يحلُّ للمسلم فِعله.
          والآخر: ألَّا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين.
          وقال ابن المنيِّر: استقرَّت المذاهب على أنَّ الصُّنَّاع في حوانيتهم يجوز لهم العمل لأهل الذِّمَّة، ولا يُعَدُّ ذلك مِنَ الذِّلَّة بخلاف أن يخدمه في منزله بطريق التَّبعيَّة(1). انتهى مِنَ «الفتح».
          وفي «المغني»: لا تجوز إجارة مسلم لذمِّيٍّ لخدمته نصَّ عليه أحمدُ في رواية الأثرم، فقال: إنْ آجر نفسه مِنَ الذِّمِّيِّ في خدمته لم يجزْ، وإن كان في عمل شيء جاز، وهذا أحد قولَي الشَّافعيِّ، وقال في الآخر: تجوز، ولنا أنَّه عقد يتضمَّن حبس المسلم عند الكافر وإذلاله له واستخدامه، فأمَّا إن آجر نفسه منه في عمل معيَّن في الذِّمَّة كخياطة ثوب وقصارته جاز بغير خلاف نعلمه لأنَّ عليًّا ╩ آجر نفسه مِنْ يهوديٍّ، يسقي له كلَّ دلو بتمرة، وأخبر النَّبيَّ صلعم بذلك، فلم ينكره، وكذلك الأنصاريُّ. انتهى.
          قلت: وحديث الباب قد سبق في (باب: [ذكر] القين والحداد) مِنْ كتاب البيوع.


[1] فتح الباري:4/452