الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب رعي الغنم على قراريط

          ░2▒ (باب: رَعْيِ الغَنَم على قَرَارِيط)
          قال الحافظ: (على) بمعنى الباء، وهي للسَّببية أو المعاوضة، وقيل: إنَّها هنا للظَّرفية كما سنبيِّن. انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: قراريط: جمع قيراط، وهي(1) نصف الدَّانق، أو نصف عشر الدِّينار، أو جزء مِنْ أربعة وعشرين جزءًا.
          وقال بعد ذكر الحديث: وقال أبو إسحاق الحربيُّ: قراريط: اسم موضع بمكَّة، وصحَّحه ابن الجوزيِّ كابن ناصر، وأيَّده مُغُلْطاي: بأنَّ العرب لم تكن تعرف القيراط، قال ابن حَجَر: لكنَّ الأرجح الأوَّل لأنَّ أهل مكَّة لا تعرف بها مكانًا يقال له قراريط. انتهى. وقال بعضهم: لم تكن العرب تعرف القيراط الَّذِي هو مِنَ النَّقد، ولذا قال ╕ كما في «الصَّحيح»: ((تفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط))(2) لكن لا يلزم مِنْ عدم معرفتهم لهما _أي للقراريط(3) بالمعنيين اللَّذين(4) هما الموضع وكونها مِنَ النقود_ أن يكون النَّبيُّ صلعم لا يعرف ذلك. انتهى.
          قلت: ولعلَّ المصنِّف أشار بهذه التَّرجمة إلى فضيلة هذا العمل لكونه فِعْلَ جميع الأنبياء ╫.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: والحكمة في إلهامهم صلوات الله وسلامه عليهم رَعْيَ الغنم قبل النُّبوَّة ليحصل لهم التَّمرُّن برعيها على ما يَكْلَفونه / مِنَ القيام بأمر أُمَّتهم، ولأنَّ في مخالطتها زيادة الحلم والشَّفقة لأنَّهم إذا صبروا على مشقَّة الرَّعي ودفعوا عنها السِّباع الضَّارية والأيدي الخاطفة، وعلموا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها، وعرفوا ضعفها، واحتياجها إلى النَّقل مِنْ مرعًى إلى مرعًى ومِنْ مسرح إلى مراح فرفقوا بضعيفها، وأحسنوا تعاهدها فهو توطئة لتعريفهم سياسة أممهم، وخصَّ الغنمَ لأنَّها أضعفُ مِنْ غيرها، وفي ذكره ╧ لذلك بعد أنَّ عَلم أنَّه أشرف خلق الله ما فيه مِنَ التَّواضع والتَّصريح بمنَّته عليه. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((وهو)).
[2] أخرجه مسلم في الفضائل، باب وصية النَّبي صلعم بأهل مصر، (رقم: 2543)
[3] في (المطبوع): ((للقيراط)).
[4] في (المطبوع): ((الذي)).