-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
باب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
→كتاب مواقيت الصلاة←
-
→كتاب الأذان←
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
باب في العيدين وتجمل فيه
-
باب ما جاء في الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
باب الصلاة في الكسوف الشمس
-
باب ما جاء في سجود القرآن وسنتها
-
أبواب تقصير الصلاة
-
باب التهجد بالليل
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب استعانة اليد في الصلاة
-
باب في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
-
كتاب الجنائز
-
باب وجوب الزكاة
-
فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
باب المحصر وجزاء الصيد
-
باب جزاء الصيد
-
فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارات
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
باب في الشرب
-
كتاب الاستقراض
-
باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة
-
باب في اللقطة وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة
-
كتاب المظالم والغضب
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة
-
كتاب العارية
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
باب فضائل أصحاب النبي
-
باب مناقب الانصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
حديث: ثم أن تقتل ولدك أن يطعم معك
-
حديث: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه
-
حديث: إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها
-
حديث: أول ما يقضى بين الناس في الدماء
-
حديث المقداد: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله
-
باب قول الله تعالى: {ومن أحياها}
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص}
-
باب سؤال القاتل حتى يقر والإقرار في الحدود
-
باب: إذا قتل بحجر أو بعصًا
-
باب قول الله تعالى:{أن النفس بالنفس}
-
باب من أقاد بالحجر
-
باب: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين
-
باب: من طلب دم امرئ بغير حق
-
باب العفو في الخطأ بعد الموت
-
باب قول الله تعالى {وما كانَ لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأً}
-
باب: إذا أقر بالقتل مرةً قتل به
-
باب قتل الرجل بالمرأة
-
باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات
-
باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان
-
باب: إذا مات في الزحام أو قتل
-
باب: إذا قتل نفسه خطأً فلا دية له
-
باب: إذا عضَّ رجلًا فوقعت ثناياه
-
باب: السن بالسن
-
باب دية الأصابع
-
باب: إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم
-
باب القسامة
-
باب: من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه فلا دية له
-
باب العاقلة
-
باب جنين المرأة
-
باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد
-
باب من استعان عبدًا أو صبيًا
-
باب: المعدن جبار والبئر جبار
-
باب إثم من قتل ذميًا بغير جرم
-
باب: لا يقتل المسلم بالكافر
-
باب: إذا لطم المسلم يهوديًا عند الغضب
-
حديث: ثم أن تقتل ولدك أن يطعم معك
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░20▒ بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ
6895- ذَكَرَ فيه حديثَ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ) يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ. وَعَنْهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم، نَحْوَهُ.
هذان الطَّريقانِ ذكرهما مِن حديثِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ مرفوعًا، وكأنَّه ساق الثَّاني لِتصريحِ ابنِ عَبَّاسٍ بسماعِه مِن رسولِ الله صلعم، وأنَّ روايتَه عنه بلفظِ: (عَنِ) مُتَّصِلَةٌ أيضًا.
و(الْخِنْصَرَ) بالكسرِ، الأصبعُ الصُّغرى.
وذكره ابنُ أبي حاتمٍ في «عِلَلِه» مِن حديثِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوسَى عن همَّامٍ عن قَتَادَةَ.
ورواهُ ابنُ حَزْمٍ مِن حديثِ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان المِنْقَرِيِّ حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ داودَ حدَّثَنا يزَيْدُ بن زُرَيعٍ حدَّثنا ابنُ أبي عَرُوبةَ عن قَتَادَةَ عن عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ ☻، قال رسولُ الله صلعم: ((في الأصابعِ عَشْرٌ عَشْرٌ)) ثمَّ قال: هذا حديثٌ صحيحٌ لا داخِلَةَ فيه، المِنْقَرِيَّ ثقةٌ وسُلَيْمَانُ بن داود هو الهاشمِيُّ / أحدُ الأئمَّة مِن نُظَراءِ أحمدَ بنِ حَنْبَلَ، وابْنُ زُرَيعٍ لا يُسألُ عنه، وسماعُ سَعِيدٍ صحيحٌ لأنَّه سَمِعَ مِن أيُّوبَ. وقد رُوِّينا مِن طريقِ ابنِ وَضَّاحٍ: حدَّثنا مُوسَى بنُ مُعَاويَة حدَّثَنا وَكِيعٌ حدَّثنا شُعْبَةُ فذَكَرَ الحديثَ الأوَّلَ بلفظِ: ((هذه وهذه سواءٌ)) وجَمَعَ بين إبهامِه وخِنْصَرِه. ومِن طريقِ أبي داودَ بإسنادِ شُعْبَةَ: ((الأصابعُ سَواءٌ، والأسنانُ سواءٌ، الثَّنِيَّةُ والضِّرسُ سواءٌ، هذه وهذه سواءٌ)).
قال ابنُ حَزْمٍ: لا نعلم في الدِّياتِ في الأعضاء أثرًا يصحُّ في توقيتِها وبيانِها إلَّا هذا. قلتُ: قال عليُّ بن المَدِينيِّ وأحمدُ في «عِللِهما»: حدَّثنا قُرَيشُ بنُ أَنَسٍ قال: حَلَفَ لي سَعِيدُ بنُ أبي عَرُوبةَ بالله ما كتبْتُ عن قَتَادَةَ. وقال البزَّار في «سُننه»: يُحدِّث عن جماعةٍ ولم يَسمَعْ منهم.
وقال الآجُرِّيُّ عن أبي داودَ: كان ابنُ أبي عَرُوبةَ في الاختلاطِ يقول: قَتَادَةُ عن أنسٍ أو أنسٌ عن قَتَادَةَ. وقولُه: لَا نَعْلَمُ... إلى آخرِه، قد صحَّ فيه حديثٌ آخَرُ ذكره آدمُ بن أبي إياسٍ العَسْقَلانيُّ تلميذُ شُعْبَةَ في كتاب شُعْبَةَ بنِ الحجَّاج، قال شُعْبَةُ: حدَّثنا غالبٌ التمَّارُ عن حُمَيدِ بن هِلَالٍ عن أوسِ بن مَسْرُوقٍ التميميِّ عن أبي مُوسَى الأشعَرِيِّ، قال رسولُ الله صلعم: ((الأصابعُ كلُّها سَوَاءٌ)) قال شُعْبَةُ: فقلتُ لغالبٍ: عَشْرٌ عَشْرٌ، فقال: نعم.
ولَمَّا رواه أبو داودَ أدخلَ حميدًا بين غالبٍ ومَسْرُوقٍ. وعن أبي الوليدِ عن شُعْبَةَ عن غالِبٍ عن مَسْرُوقٍ قال أبو داودَ: رواه غُنْدَرٌ عن شُعْبَةَ عن غالِبٍ قال: سمعتُ مَسْرُوقًا، ورواه النَّسائيُّ عن أبي الأشعثِ عن خالِدٍ عن سعيدٍ عن قَتَادَةَ عن مَسْرُوقٍ.
وقال ابنُ عَسَاكِرَ: الصَّوابُ والصَّحيحُ مَسْرُوقُ بن أوسٍ. قلتُ: وغالِبٌ هو ابنُ مِهْرَانَ التمَّار، وثَّقَهُ ابنُ سَعْدٍ وذكره ابنُ حِبَّان وغيرُه في «الثِّقات» وقال أبو حاتمٍ الرَّازيُّ: صالحُ الحديث، وحُمَيدٌ حديثُه في «الصَّحيحين» وأوسُ بنُ مَسْرُوقٍ ذكرَهُ ابنُ حِبَّان في «ثقاتِه» وخرَّج له مع ابنِ خُزَيمةَ في «صحيحهما».
ورَوَى ابنُ أبي عَاصِمٍ في «الدِّيات» بإسنادٍ جيِّدٍ مِن حديثِ الأسودِ بنِ عامِرٍ عن حمَّادِ بنِ سلمة عن قَتَادَةَ عن عبدِ الله بن بُرَيدةَ عن يحيى بن يَعْمَر عن ابنِ عَبَّاسٍ ☻: أنَّه ╕ ((قَضَى في العين القائمةِ إذا بُخِسَتْ، وفي اليدِ الشلَّاء إذا قُطِعَتْ، والسِّنِّ السَّوداء إذا كُسِرَتْ ثُلُثَ الدِّية)) قال الأسودُ: ثُلُثُ دِيتِها ليس ثُلُثُ دِيَةِ النَّفْسِ. قال: وحدَّثناه أبو بَكْرٍ حدَّثنا يَزِيْد بن هَارُون حدَّثنا ابنُ أبي عَرُوبة عن قَتَادَةَ.
ورواه ابنُ أبي عَاصِمٍ مِن حديث يَحيى بن سَعِيدٍ عن شُعْبَة عن قَتَادَةَ عن عِكْرِمَة. عن سَعِيدِ بن المسيِّب قال: بعثَ مروانُ إلى ابنِ عَبَّاسٍ يسأله عن الأصابع فقال: ((قَضَى رسولُ الله صلعم في اليدِ خمسين فريضةً في كلِّ أُصْبعٍ عشرةٌ)).
فَصْلٌ: ثبتَ في كتاب الدِّيَات الذي كتبه سَيِّدُنا رسولُ الله صلعم لآل عَمْرِو بن حزمٍ أنَّه قال: ((في اليدِ خمسونَ مِن الإبل، في كلِّ أُصبعٍ عَشْرٌ مِن الإبل)) وأجمع العلماء على أنَّ في اليدِ نِصفَ الدِّية، وأصابع اليدِ والرِّجل سواءٌ، وعلى هذا أئمَّةُ الفتوى، ولا فضلَ لبعضِ الأصابع عندهم على بعضٍ.
قال ابنُ المنذر: رُوِّينا ذلك عن عُمَرَ وعليٍّ وابن عَبَّاسٍ وابنِ مَسْعُودٍ وزَيْدِ بن ثابتٍ، وجاءت روايةٌ شاذَّةٌ عن عُمَرَ وعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيرِ بفضْلِ بعضِ الأصابع على بعضٍ، رَوَى الثَّورِيُّ وحمَّادُ بن زَيْدٍ عن يَحيى بن سَعِيدٍ عن سَعِيدِ بن المسيِّب: أنَّ عُمَرَ ☺ جعلَ في الإبهامِ خمسَ عشرةَ وفي البِنْصَرِ تسعًا وفي الخِنْصَرِ ستًّا وفي السَّبَّابةِ والوُسطى عشرًا عشرًا حتَّى وَجَدَ في كتابِ «الدِّيات» عند آل عَمْرو بن حزمٍ: أنَّه ╕ قال: ((الأصابعُ كلُّها سَواءٌ)) فأَخَذَ به وتركَ قولَه الأوَّلَ.
ورواه جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ عن يَحيى بن سَعِيدٍ عن ابن المسيِّب قال: قَضَى عُمَرُ ☺ في الإبهامِ بثلاثَ عشرة والَّتي تليها ثِنتَيْ عشرة وفي الوسطى بعشرٍ وفي الَّتي تليها بسبعٍ، وفي الخِنْصر بستٍّ.
ورَوَى مَعْمَرٌ عن هِشَامٍ عن عُرْوَةَ عن أبيه قال: إذا قُطِعَتِ الإبهامُ والَّتي تليها ففيها نِصفُ دِيةِ اليد، وإذا قُطعت إحداهُما ففيها عشْرٌ مِن الإبل، ولم يلتفتْ أحدٌ مِن الفقهاء إلى هذين القولين لِمَا ثبت عن صاحبِ الشَّريعة أنَّه قال: (هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ. يَعْنِي الخِنْصَرَ والإِبْهَامَ) وحديثِ عَمْرو بن حَزْمٍ: ((في كلِّ إصبعٍ عَشْرٌ مِن الإبِلِ)).
وذكر ابنُ المنذر عن الشَّعْبِيِّ قال: كنتُ جالسًا مع شُرَيْح إذْ أتاه رجلٌ فقال: أخبِرْني عن دِيَةِ الأصابع؟ فقال: في كلِّ إصبعٍ عَشْرٌ مِن الإبل، فقال: سبحانَ الله، أسواءٌ هي؟ _يعني الإبهامَ والخِنْصَرَ_ قال: ويحك، إنَّ السُّنَّةَ مَنَعت قياسَكُم، اتَّبِعْ ولا تَبتدِعْ، فإنَّك لن تضلَّ ما أخذْتَ بالسُّنَنِ، سواءٌ أُذناكَ ويداكَ تغطِّيهما العَمَامةُ والقَلَنْسُوةُ وفيها نِصفُ الدِّية، وفي اليدِ نِصف الدِّيَة.
وقال ابن حَزْمٍ: باليقين ندري أنَّه ليس هنا إلَّا عَمْدٌ أو خطأٌ، وقد صحَّ عن الشَّارعِ أنَّه قال: ((رُفع عن أُمَّتي الخطأُ)) وقال جلَّ وتعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5] فكان ممكِنًا أن يستثنيَ كلَّ واحدٍ منهما مِن الآخر، فيُمكنُ أنْ يكونَ المرادُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} و((رُفِعَ عن أُمَّتي الخطأُ)) إلَّا في دِيَةِ الأصابع، وكان يمكنُ أن يكونَ المرادُ ((في الأصابع عَشْرٌ عَشْرٌ)) خاصَّةً في العمْدِ لا في الخطأ، ولم يَجُزْ لأحدٍ أن يصيرَ إلى أَخْذِ الأشباهِ إلَّا بنصٍّ أو إجماعٍ لأنَّه خبرٌ عَن اللهِ وعن رسولِه صلعم.
وقد وجدنا النَّاسَ مختلفينَ؛ فطائفةٌ قالت: لا شيء في العَمْدِ _يعني في الأصابع_ إلَّا القَوَدَ فقط، ولا دِيَة هنالك، وقالت أخرى: فيه القَوَدُ أو الدِّيةُ، ووجدْنا الاختلافَ في وجوبِ الدِّيةِ في العَمْدِ في ذلك، ثمَّ رجَعْنَا إلى الخطأ في ذلك فلم نجدْ إجماعًا مُتَيَقَّنًا على وجوبِ الدِّيةِ في الخطأ في ذلك.
ثمَّ وجدْنَا القائلينَ بالدِّيةِ في ذلك مختلفِين فيما دون الثُّلُثِ، فطائفةٌ قالت: هي في مالِ الجاني، وأُخرى قالت: هي على عَاقِلتِه، فلمْ نجد إجماعًا هنا في هذا، فبطَلَ أن يَجِبَ في الخطأ في ذلك شيءٌ لأنَّه لا نصَّ يبيِّنُ هذه العشرةَ على مَن هي؟ وإذا لم يُبَيَّن بالنصِّ والإجماعِ على مَن هي فمِن الباطل أن يكون اللهُ يُلزِمُنا غرامةً لا يُبَيِّنُ لنا مَن هو الملتزم بها، فسقط أن يكون في الخطأ غرامةٌ أصلًا فيما دونَ النَّفس، ورجعْنا إلى العَمْد فلم يكن بُدٌّ من إيجابِ الدِّيةِ دِيَةِ الأصابعِ كما أَمَرَ رسولُ الله صلعم إمَّا على العامدِ وإمَّا على المخطئ أو على عاقِلَته بنصوصِ القرآن الَّتي أوردناها، فلم يبقَ إلَّا العامدُ فالدِّية في ذلك واجبةٌ على العامدِ بلا شكٍّ إذْ لم يَبْقَ إلَّا هو.
وأيضًا فإنَّ الله تعالى يقولُ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40] وَكانَ العامدُ مسيئًا بِسَيِّئةٍ فالواجبُ بنصِّ القرآن أن يُساءَ إليه بمثلِها، والدِّيةُ إذا أوجبَها اللهُ تعالى على لسانِ رسولِه وفي إساءة مسيءٍ فهي مِثْلُ سَيِّئةِ ذلك المسيءِ بلا شكٍّ، وكذلك الحُدُودُ إذا أمرَ الله ╡ / بها أيضًا، فإذا كانت المماثلةُ بالقَوَدِ في الأصابعِ وجبت المماثلةُ بالدِّية في ذلك.
وفي حديثِ ابنِ المسيِّب: أنَّ عُمَرَ ☺ قَضَى في الإبهامِ بخمسَ عشرة إلى آخرِ ما سَلف، ووافقه على الأوَّلِ غيرُه كما سلف. وعن عليٍّ: الأصابعُ عَشْرٌ عَشْرٌ، وسلف ما قاله الشَّعْبِيُّ عن مَسْرُوقٍ كذلك. قال: وَرُوِّيناه أيضًا عن ابنِ عَبَّاسٍ ☻ وزَيْدِ بن ثابتٍ. قال: ولْيعلَمِ العالمون أنَّه لم يأتِ عن أحدٍ مِن الصَّحابةِ أنَّ هذه الدِّيةَ في الخطأ، وأعجبُ مِن ذلك مَن لا يرى هذه الدِّيةَ في العَمْدِ أصلًا، ولا يراها إلَّا في الخطأ، فَعَكَسَ الحقَّ عكسًا.
وأمَّا مَفَاصِلُ الأصابع فرُوِّينا مِن حديثِ قَتَادَةَ عن عِكْرِمَةَ عن عُمَرَ ☺: أنَّه قَضَى في كلُّ أُنْمُلَة بثُلُثِ دَيَةِ الأصابع. وعن سُلَيْمَانَ بنِ مُوسَى قال: في كتابِ عُمَرَ بنِ عبد العزيز إلى الأجنادِ: في كلِّ قَصَبةٍ مِن قَصَبِ الأصابعِ قُطِعَ أو شُلَّت ثُلُثُ دِيَةِ الأصابع، إلَّا مَا كان مِن إبهامِها فإنَّما هي قَصَبَتانِ ففي كلِّ قَصَبةٍ مِن الإبهامِ نِصفُ دِيَتِها. وعن إبراهيمَ مِثْلُه.
قال ابنُ حَزْمٍ: ولا نعرف في هذا خلافًا، والَّذي نقولُ به أنَّه ╕ حَكَمَ في كلِّ أُصبعٍ بعشرٍ مِن الإبل، فواجبٌ لَا شكَّ أنَّ العَشْرَ المذكورةَ مقابِلةٌ للأصبع، ففي كلِّ جزءٍ مِن الأصبعِ جزءٌ مِن العشرِ.
وأمَّا الأصبعُ تُشَلُّ فقد جاء عن رسولِ الله صلعم: ((في الأصابعِ عَشْرٌ عَشْرٌ)) فهذا عمومٌ لا يَخرُجُ منه إلَّا ما أخرجه نصٌّ أو إجماعٌ. وقد قيل: إنَّ شللَ الأصابعِ دِيَةٌ كاملةٌ، والواجبُ القولُ بذلك لعمومِ النصِّ الَّذي ذكرناه. وأمَّا كَسْرُه فَيُفِيقُ صباح أو عشاء فَلا شيء فيه عندنا. وهذا النَّصُّ الَّذي ذكرناه يَقتضي أنَّ أصابعَ اليدينِ والرِّجلينِ سواءٌ لعمومِ ذِكْرِ الأصابعِ.
وَرُوِّينا مِن طريقِ عبدِ الرَّزَّاق عن ابنِ جُرَيْجٍ عن رجلٍ عن مَكْحُولٍ عن زَيْدِ بن ثابتٍ أنَّه قال: في الأُصْبُع الزَّائدةِ ثُلُثُ دِيَةِ الأُصْبُع، قال مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أنَّ الأُصْبُع الزَّائدةَ والسِّنَّ الزَّائدةَ ثُلُثُ دِيَتِها، وقال آخَرون: فيها حُكْمٌ، وقال آخرون: لا شيء فيها، وفي حديثِ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ قال: كان في كتابِ أبي بَكْرٍ وعمرَ أنَّ في الرِّجْلِ إذا يَبِسَتْ فلم يستَطِعْ أنْ يبسُطَها أو بَسَطَها فلم يستطِعْ أنْ يَقْبِضَها أو لم تَنَلِ الأرضَ، ففيها نِصْفُ الدِّية، فإنْ نال منها شيءٌ الأرضَ فَبِقَدْرِ ما نَقَصَ منها، وفي اليدِ إذا لم يأكُلْ بها ولم يشربْ بها ولم يَأْتَزِر بها ففيها نِصْفُ الدِّيةِ.
فَصْلٌ: وذَكَرَ ابنُ أبي شَيْبَةَ عن إبراهيمَ قال: كان يُقال: إذا كُسِرَتِ اليدُ أو الرِّجْلُ ثمَّ برِأَتْ ولم يَنقُصْ منها شيءٌ أَرْشُها مئةٌ وثمانون درهمًا. وعن عبد الله بن ذَكْوَانَ أنَّ عُمَر ☺ قضى في رَجُلٍ كُسِرَتْ ساقُه وجُبرتْ واستقامت بعشرين دينارًا. وقال شُرَيْحٌ: على الكاسِرِ أَجْرُ الجابر. وعن زَيْدِ بن ثابتٍ في السَّاقِ تُكسَرُ خمسون دينارًا، وإذا بَرَأَت على عَثْمٍ ففيها خمسون دينارًا، وقال سُلَيْمَانُ بن يَسَارٍ: فيها قَلُوصَان، وقال الحَسَنُ: يُرضَخُ له شيءٌ.
وإذا قُطِعَتِ اليدُ الشَّلَّاءُ ففيها ثُلُثُ الدِّيةِ، قاله سَعِيدُ بن المسيِّب وإبراهيمُ وعُمَرُ بن الخطَّاب وابنُ عَبَّاسٍ، وقال مَسْرُوقٌ وإبراهيمُ: فيها حكمٌ، وعن عليٍّ وعُمَرَ بنِ عبدِ العزيز وزَيْدِ بن ثابتٍ: في الرِّجْلِ نِصْفُ الدِّيةِ.
وفي حديثِ عِكْرِمَةَ بنِ خَالِدٍ عن رجلٍ مِن آل عُمَرَ قال رسولُ الله صلعم: ((في الرِّجْلِ خمسون)) وقاله الشَّعْبِيُّ عن ابنِ مَسْعُودٍ.
وفي «الموطَّأ» عن رَبِيْعَة قال: سألتُ ابنَ المسيِّب كم في أُصبعِ المرأة؟ فقال: عَشْرٌ مِن الإبل. قلتُ: فكم في أصبعين؟ فقال: عشرون مِن الإبل، قلتُ: فكم في ثلاثٍ؟ فقال: ثلاثون مِن الإبل، فقلتُ: فكم في أربعٍ؟ قال: عشرون مِن الإبل، فقلتُ: حينَ عظُمَ جُرْحُها واشتدَّت مصيبتُها نقصَ عَقْلُها! فقال سعيدٌ، أعراقيٌّ أنت؟ قلتُ: بلْ عالِمٌ متثبِّتٌ أو جاهِلٌ متعلِّمٌ، فقال سَعِيدٌ: هي السُّنَّةُ يا ابنَ أخي.