التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الغسل مرةً واحدةً

          ░5▒ بَابُ الغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
          257- ذَكَرَ فيه حديثَ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: (وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صلعم مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ).
          وهُوَ حديثٌ صحيحٌ أخرجهُ مع البُخاريِّ مسلمٌ وباقي السِّتَّةِ، وقد سلَفَ أوَّلَ الغُسل [خ¦249].
          والمَذَاكِيْرُ جَمْعُ ذَكَرٍ على غيرِ قياسٍ، كأنَّهم فرَّقوا بين الذَّكَرِ الَّذي هو الفَحْلُ وبينَ الذَّكَرِ الَّذي هو العُضْوُ، فجَمَعُوا الذَّكَرَ الفحْلَ على ذُكورٍ وذُكْرَان وذِكَارَةٍ مِثْلِ حِجَارَةٍ. وقال الأخفشُ: مَذَاكُير مِن الجَمْعِ الَّذي ليس له واحدٌ مِثْلُ الأبَابيلِ، حكاهُ ابنُ التِّينِ.
          وموضِعُ التَّرجَمَةِ مِن البابِ قولُه: (ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ) ولم يذكُرْ مرَّةً ولا مرَّتينِ فحُمِلَ على أَقَلِّ ما يُسمَّى غُسْلًا وهو مَرَّةٌ واحدةٌ، والعلماءُ مُجمِعونَ على أنَّ الشَّرْطَ فيه التَّعميمُ لا العددُ.
          وفيه الوُضوءُ في الغُسْلِ مِن الجَنابَةِ ولمْ يَذْكُرْ فيه مَسْحَ الرَّأسِ، وقد أسلَفْنَا أنَّه روايةُ الحَسَنِ عن أبي حنيفَةَ. وفيهِ أنَّ الدَّلْكَ سُنَّةٌ وليسَ بواجِبٍ عَمَلًا بقولِها: (ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ).