التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قسمة الإمام ما يقدم عليه ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه

          ░11▒ باب: قِسمة الإمام ما يَقْدَمُ عليه، ويَخْبأ لِمَنْ لم يَحضُرْه أو غابَ عنه.
          3127- ذكر فيه حديث عبد الله ابن أبي مُلَيكة وقوله: (يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْنَا لَكَ هَذَا).
          وقد سلف في الشَّهادات في آخر باب: شهادة الأعمى [خ¦2657]، وَرَوَاهُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوب عن أبي عبد الرَّحمن، وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ: حَدَّثَنَا أَيُّوب عَن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَن الْمِسْوَرِ: ((قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلعم أَقْبِيَةٌ))، وهذا أسنده اللَّيث عَن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ.
          وهذه المتابعة أسندها في الهِبة، وهو حديثٌ خرَّجه مسلمٌ والأربعة، ورواه الإسماعيليُّ مِنْ حديث حمَّاد بن زيدٍ عن أَيُّوب عن ابن أبي مُليكة أنَّ مَخْرمة أتى رسول الله صلعم، فذكره.
          وهو ممكنٌ ولا شكَّ في حِلِّ ما أُهدي له صلعم، لأنَّه مخصوصٌ بما أفاء الله عليه مِنْ غير قتالٍ مِنْ أموال الكفَّار ويكون له دون سائر النَّاس، وله أن يؤثِر به مَنْ شاء، ويمنع منه مَنْ شاء كما يفعل بالفيء، وكذلك خَبَأ القَبَاء لمَخْرمة، ومَنْ بعده مِنَ الخلفاء بخلافه في ذلك لا يكون له خاصَّةً دون المسلمين، لأنَّه إنَّما أُهدي إليه لأنَّه أميرهم، وقد سلف ذلك في الهِبات واضحًا في هدايا المشركين [خ¦2615].
          وفيه ما كان عليه صلعم مِنْ كرم الخلق ولين الكلمة والتَّواضع، ألا ترى أنَّه استقبل مَخْرمة بأزرار القَبَاء وكنَّاه مرَّتين، وألطف له في القول، وأراه إيثاره له واعتناءه به في مَغيبه لقوله: (خَبَأْتُ هَذَا لَكَ) لما علم مِنْ شدَّة خُلُقه، فترضَّاه بذلك، فينبغي الاقتداء به.