التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من قاتل للمغنم هل ينقص من أجره؟

          ░10▒ باب: مَنْ قاتلَ للمَغنَمِ هَلْ يَنقصُ مِنْ أَجْرِهِ؟ /
          3126- ذكر فيه حديث أبي موسى الأشعريِّ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صلعم: الرَّجل يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجل يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ الله؟ فَقَالَ صلعم: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ).
          هذا الحديث سلف في العلم في باب: مَنْ رفع رأسه قائمًا [خ¦123]، والجهاد في باب: مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا [خ¦2810].
          قال المهلَّب: مَنْ قاتل في سبيل الله ونوى بعد إعلاء كلمة الله ما شاء فهو في سبيل الله، والله أعلم بمواقع أجورهم، ولا يصلح لمسلمٍ أن يقاتل إلَّا ونيَّتُه مبنيَّةٌ على الغضب لله والرَّغبة في إعلاء كلمته، ويدلُّ على ذلك أنَّه قد يقاتل مَنْ لا يرجو أن يسلبه مِنْ عُرْيانٍ ولا شيء معه، فيغرِّر بمهجته مستلذًّا لذلك، ولو أُعطي ملء الأرض على أن يغرِّر بمهجته في غير سبيل الله ما غرَّر، ولكن سهُل عليه ركوب ذلك استلذاذًا بإعلاء كلمة الله ونكاية عدوِّه والغضب لدينه.
          وقد أسلفنا في الأعمال بالنِّيَّات في الإيمان أنَّ ما كان ابتداؤه فيه مِنَ الأعمال لله لم يضرَّه بعد ذلك ما عرض له في نفسه وخطر بقلبه مِنْ حديث النَّفس ووسواسٍ الشَّيطان، ولا يزيلُه عن حكمه إعجاب المرء اطِّلاعُ العباد عليه بعد مضيه على ما ندبه الله إليه ولا سروره بذلك، وإنَّما المكروه أن يبتدئه بنيِّةٍ غيرِ مخلَصةٍ لله، فذلك الَّذي يستحقُّ عامله عليه العقاب.