عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب القضاء على الغائب
  
              

          ░28▒ (ص) بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان القضاء؛ أي: الحكم على الغائب؛ أي: في حقوق الآدميِّين دون حقوق الله بالاتِّفاق، حَتَّى لو قامت البيِّنة على غائبٍ بسرقةٍ مثلًا؛ حُكِمَ بالمال دون القطع، وقال ابن بَطَّالٍ: أجاز مالكٌ واللَّيث والشافعيُّ وأبو عُبَيدٍ والجماعةُ الحكمَ على الغائب، واستثنى ابنُ القاسم عن مالكٍ ما يكون للغائب فيه حججٌ _كالأرض والعقار_ إلَّا إن طالت غَيْبته أو انقطع خبره، وأنكر ابن الماجشون صحَّة ذلك عن مالكٍ، وقال: العملُ بالمدينة على الغائب مطلقًا، حَتَّى لو غاب بعد أن يتوجَّه عليه الحكمُ قُضيَ عليه، وقال ابن أبي ليلى وأبو حنيفة: لا يُقضى على الغائب مطلقًا، وأَمَّا مَن هَرَب أو استتر بعد إقامة البيِّنة؛ فينادي القاضي عليه ثلاثًا، فإن جاء، وإلَّا أنفذ الحكم عليه، وقال ابن قُدَامة: أجازه أيضًا ابن شُبْرُمَة والأوزاعيُّ وإسحاق، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ومنعه أيضًا الشعبيُّ والثَّوْريُّ، وهي الرواية الأخرى عن أحمد.