عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من قضى ولاعن في المسجد
  
              

          ░18▒ بَابٌ مَنْ قَضَى وَلَاعَنَ فِي الْمَسْجِدِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان مَن قضى في المسجد ولَاعَنَ في المسجد.
          قوله: (قَضَى وَلَاعَنَ) فِعْلَان تنازعا في المسجد، ومعنى (لاعن) : أمرَ باللِّعان على سبيل المجاز؛ نحو: كَسَى الخليفةُ الكعبةَ.
          (ص) وَلَاعَنَ عُمَرُ ☺ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلعم .
          (ش) أي: أمر عمر ☺ باللِّعان عند منبر النَّبِيِّ صلعم ، وإِنَّما خصَّ عمرُ المنبرَ؛ لأنَّه كان يرى التحليف عند المنبر أبلغ في التغليظ، ويُؤخَذ منه التغليظ في الأيمان بالمكان، وقاسوا عليه الزمان، وفي «التوضيح»: يغلَّظ في اللِّعان بالزمان والمكان، وهي سنَّةٌ عندنا لا فرضٌ على الأصحِّ، وقال مالكٌ بالتغليظ، وأبو حنيفة ☺ منعه، وروى ابن كِنانة عن مالكٍ: يتحرَّى في المال العظيم والدماء، وزمن اللِّعان بعد العصر عندنا، وعند المالكيَّة: أَثَر الصلاة، واختصاص العصر؛ لاختصاصه بالملائكة؛ أعني: ملائكة اللَّيل والنهار.
          (ص) وَقَضَى شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ فِي الْمَسْجِدِ.
          (ش) (شُرَيْحٌ) هو القاضي المشهور، و(الشَّعْبِيُّ) هو عامر بن شَرَاحيل، و(يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ) بفتح الياء والميم بينهما عينٌ مُهْمَلةٌ، البَصْرِيُّ القاضي بمرو، وأثر شريحٍ وصله ابن أبي شَيْبَةَ مِن طريق إسماعيل بن أبي خالدٍ قال: رأيت شريحًا يقضي في المسجد وعليه برنس خزٍّ، وأثر الشعبيِّ وصله سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِيُّ في «جامع سفيان» من طريق عبد الله بن شُبْرُمَة: رأيت الشعبيَّ جلد يهوديًّا في فرية في المسجد، وأثر يحيى بن يَعمَر وصله ابن أبي شَيْبَةَ مِن رواية عبد الرَّحْمَن بن قيسٍ قال: رأيت يحيى بن يَعمَر يقضي في المسجد.
          (ص) وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ.
          (ش) (مَرْوَانُ) هو ابن الحكم.
          قوله: (عِنْدَ الْمِنْبَرِ) في رواية الكُشْميهَنيِّ: <على المنبر> وهذا طَرَفٌ مِن أثرٍ مضى في (كتاب الشهادات).
          (ص) وَكَانَ الْحَسَنُ وَزُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى يَقْضِيَانِ فِي الرَّحَْبَةِ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ.
          (ش) (الْحَسَنُ) هو البَصْرِيُّ، و(زُرَارَةُ) بِضَمِّ الزاي وتخفيف الراء الأولى (ابْنُ أَوْفَى) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالفاء مقصورًا، العامريُّ قاضي البصرة.
          قوله: (فِي الرَّحَْبَةِ) بفتح الحاء وسكونها، قاله الكَرْمانيُّ، والظاهر أنَّ بالسكون هي المدينة المشهورة، وهي الساحة والمكان المتَّسع أمام باب المسجد غير منفصلٍ عنه، وحكمها حكم المسجد فيصحُّ فيها الاعتكاف في الأصحِّ بخلاف ما إذا كانت منفصلةً.