عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الرجل: لعمر الله
  
              

          ░13▒ (ص) بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ اللهِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان قول الشخص: لعَمْرُ الله لأفعَلَنَّه، ولم يُبيِّن حكمَه؛ اعتمادًا على تخريج الطالب، ومعناه: لَحياةُ الله وبقاؤُه، وقال الزجَّاج: «لعَمْرُ الله» كأنَّه حلف ببقائه تعالى، قال الجَوْهَريُّ: عَمِرَ الرجلُ _بالكسر_ يَعْمرُ عَمْرًا وعُمْرًا _على غير قياسٍ؛ لأنَّ قياسَ مصدرِه التحريكُ_ أي: عاش زمانًا طويلًا، وإن كان المصدران بمعنًى إلَّا أنَّهُ استُعمِلَ في القسَم المفتوح، فإذا أدخلتَ عليه اللامَ رفعتَه بالابتداء، والخبرُ محذوفٌ؛ أي: ما أُقْسِم به، فإن لم تأتِ باللام نصبتَه نصبَ المصادر، فقُلْت: عمرَ الله ما فعلت كذا، وعمرَك الله ما فعلت، ومعنى (لَعَمر الله) و(عمرَ الله) : أحلف ببقاء الله ودوامه، فإذا قُلْت: عمرك الله، فكأنَّك قُلْت: لعمرك الله؛ أي: بإقرارك له بالبقاء، وأَمَّا حكمه فهو يمينٌ عند الكوفيِّين ومالكٍ، وقال الشَّافِعِيُّ: هي كنايةٌ؛ يعني: لا يكون يمينًا إلَّا بالنِّيَّة، وبه قال إسحاق، وإذا قال: لَعَمري؛ فقال الحسن البَصريُّ: عليه الكفَّارة إذا حنث فيها، وسائرُ الفقهاء لا يَرَون فيها كفَّارةً؛ لأنَّها ليست بيمينٍ عندهم.
          (ص) قال ابنُ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ} لَعَيْشُكَ.
          (ش) أشار به إلى أنَّ ابن عَبَّاسٍ فسَّر (لَعَمْرُكَ) بقوله: (لَعَيْشُكَ)، ووصله ابن أبي حاتمٍ مِن طريق أبي الجَوزاء عنه في قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ}[الحجر:72] أي: حياتك، و(الحياة) و(العيش) واحدٌ.