عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: كيف كانت يمين النبي
  
              

          ░3▒ (ص) باب كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صلعم ؟
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ كيفيَّة يمين النَّبِيِّ صلعم .
          (ص) وَقَالَ سَعْدٌ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ».
          (ش) أي: قال سعد بن أبي وَقَّاص، وأخرج البُخَاريُّ هذا المعلَّقَ موصولًا في (مناقب عُمَر بن الخَطَّاب) ☺ ، مطوَّلًا فاراجع إليه.
          (ص) وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ ☺ عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم : لَا هَاءَ اللهِ إِذًا.
          (ش) (أَبُو قَتَادَةَ) هو الحارث بن رِبْعيٍّ الأنصاريُّ الخزرجيُّ، فارس رسول الله صلعم ، وحديثه مضى في (كتاب الخُمس) في (باب مَن لم يخمس الأسلاب) : حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلمة عَن مالكٍ، عَن يحيى بن سعيدٍ، عن ابن أفلح، عَن أبي مُحَمَّد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله صلعم عامَ حُنَين... الحديث إلى أن قال: صدق يا رسول الله، وسلبه عندي، فأرضِه يا رسول الله، فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيق ☺ : لا ها الله إذًا، يعمد إلى أسد مِن أسد الله يقاتل عَن الله ورسوله يعطيك سلبه؟! فقال النَّبِيُّ صلعم : «صدق» وأعطاه.
          قوله: (لَا هَاءَ اللهُ) قال ابن الأثير: هكذا جاء الحديث: (لا هاء الله إذًا) / والصواب: (لا ها الله) بحذف الهمزة، ومعناه: لا واللهِ لا يكون ذا، أو لا والله ما الأمرُ ذا، فحذف تخفيفًا، ولك في ألف (ها) مذهبان؛ أحدهما: تثبت ألفها في الوصل؛ لأنَّ الذي بعدها مدغمٌ؛ مثل: دابَّة، والثاني: بحذفها لالتقاء الساكنين، وقال صاحب «المطالع»: «لا ها الله» كذا رويناه بقصرها، و«إذًا» قال إسماعيل القاضي عَن المازنيِّ: إنَّ الرواية خطأ، وصوابه: لا ها الله ذا، و(ذا) صلة في الكلام، قال: وليس في كلامهم: لا ها الله إذًا، وقاله أبو زيد، وقال أبو حاتم: يقال في القسم: لا ها الله ذا، والعرب تقول: لا هاء الله ذا؛ بالهمزة، والقياس ترك الهمز، والمعنى: لا والله هذا ما أقسم به، فأدخل اسم الله بين (هذا) و(ذا)، وقال الكَرْمانيُّ: «إذًا» جوابٌ وجزاء؛ أي: لا والله إذا صدق لا يكون كذا، ويروى: «ذا» اسم إشارة؛ أي: والله لا يكون هذا.
          (ص) يُقَالُ: وَاللهِ، وَبِاللهِ، وَتَاللهِ.
          (ش) أشار به إلى حروف القسم وهي ثلاثة؛ الأَوَّل: (وَالله) بالواو، والثاني: (بِالله) بالباء المُوَحَّدة، والثالث: (تَالله) بالتاء المُثَنَّاة مِن فوق، والواو والباء المُوَحَّدة يدخلان على كلِّ محلوفٍ، والتاء المُثَنَّاة لا تدخل إلَّا على لفظة (الله) وحده.